إيجابيات ما حققته وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة جدا إذا ما قورنت بالانجازات الواقعية على أرض الواقع، ولا يمكننا إنكار تأثيرها الكبير في الثورات الأخيرة والتي بذاتها كموضوع يتطلب دراسة معمقة حول هذه الظاهرة وعلاقتها بالثورات الأخيرة كمحركات ناجزة في بواعث الثورة وتنظيم صفوف الثوار. والعبرة هنا لا تكمن في الكم بقدر كمونها في الكيف والنوع. لأن مستويات الوعي وعمق الادراك لا يمكن قياسها بالكم العددي، فالثورات غالبا تكمن فرص نجاحها وتحقيق أهدافها بمستوى وعي الثوار لتلك الأهداف وآليات تحقيقها. وفي النسخة الرابعة من تقرير الاعلام الاجتماعي العربي الصادر عن برنامج الحوكمة والابتكار في دبي احتلت الكويت المركز الأول خليجياً في النشاط عبر "تويتر"، والسابعة عربيا وفق تقارير أخرى أما قائمة «فوربس» للشرق الأوسط فاعتبرت الكويتيين من أكثر الشخصيات العربية حضوراً عبر «تويتر» والأكثر تأثيراً عربياً. إلا أن المعيار هنا غالبا يأخذ في حسبانه الكم على حساب النوع والكيف الذي يحول هذا النشاط لمشاريع عمل واقعية تنعكس على وعي المجتمع وتدفع باتجاه تقدمه وتساعد على تشكيل كيانات فاعلة في المجتمع وتنظم مبادرات تساهم في طرح حلول للاشكاليات السياسية والاجتماعية الموجودة في المجتمع. طبعا لا نستطيع غض الطرف أبدا عن تشكيل بعض الكيانات الشبابية عبر هذه الوسائط والتي كان لها محاولات جيدة في تفعيل أجواء الحوار الشبابي، ولكن إذا ما قارناها بظاهرة الصوت والغوغائية التي كانت تمارس عبر «تويتر» وكم الانفعال الذي كان يكرس ثقافة الاقصاء للرأي الآخر والتسقيط لفئات وشخصيات اجتماعية وبث الفتنة المذهبية نجدها ضئيلة التأثير على مستوى وعي المجتمع ككل. ونظرا لتحول تويتر لظاهرة اجتماعية ووسيلة متاحة بيد كل أطياف المجتمع المختلفة بكل فئاتها العمرية فيكون من الأجدى تحويل هذه الظاهرة من وسيلة صوت وتفريغ شحنات انفعالية بثقافة شعبوية بعيدة عن العقلانية ومشاريع العمل الفاعلة والناجزة في وعي المجتمع إلى وسيلة بناءة ومنظمة من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي يفترض بها رصد هذه التقارير ومن ثم رصد الظواهر ومحاولة معالجتها بشكل بناء وإيجابي بتحويل الظاهرة السلبية إلى إيجابية من خلال برامج توعية في الظاهرة المرصودة. في موضوعنا هنا عن مؤسسات المجتمع المدني المعنية بتنظيم ورش عمل ودورات تستهدف كل الفئات العمرية، خصوصا فئة الشباب والمراهقين من الجنسين لتدريبهم على الاستخدام الواعي لوسائل التواصل الاجتماعي وكيفية تحويلها من أداة لتفريغ شحن انفعالية وظاهرة صوت إلى وسيلة لبناء مبادرات وتنظيم كيانات اجتماعية وتحويلها لواقع عملي في ساحة المجتمع تنعكس إيجابا في معالجة القضايا الأكثر جدلا في الساحتين الداخلية والخارجية. فالعرب ظاهرة صوتية يجب العمل على تغييرها إلى العرب ظاهرة فاعلة ومغيرة.