في عام 1976م كنتُ أذهب مثل عشرات غيري من التلاميذ في الصباح إلى المدرسة ثم نرجع إليها في العصر لنتدرب على تأدية حركات رياضية استعراضية سنقدمها في حفل افتتاح دورة الخليج العربي الرابعة لكرة القدم.في تلك الفترة كانت دورات كأس الخليج العربي لكرة القدم تعتبر أبرز حدث رياضي خليجي منذ انطلاقتها أول مرة في عام 1970م بمملكة البحرين التي أطلق فكرتها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وعرض فكرتها الوفد البحريني أثناء إقامة دورة أوليمبياد مكسيكو سيتي عام 1969م على السيد ستانلي راوس رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم ، وظلت كذلك ميداناً تتنافس فيه دول الخليج في التحضير المبكر لها وإبراز ما لديها من إمكانيات وقدرات في استضافتها ويحضر افتتاحها وختامها القادة الخليجيون وتتصدر قبل وأثناء إقامتها حديث الناس واهتماماتهم وترصد لها مبالغ مالية طائلة ويقام لها حفل افتتاح لا مثيل له ويكون همّ الدولة المستضيفة التالية كيف تقدم الافتتاح بصورة أفضل من الدورة السابقة.ولا أبالغ بالقول إن هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق للكرة الخليجية لولا الفضل الذي يعود لدورات الخليج التي حظيت باهتمام القيادات الخليجية منذ انطلاقتها أول مرة فتبنى بمناسبة استضافتها أحدث ما وصلت إليه تصاميم بناء وتقنيات ملاعب كرة القدم واستقدام المدربين العالميين وإقامة المعسكرات التدريبية وصرف الملايين عليها. أحياناً عندما أتذكر شريط هذه الذكريات أتساءل: ترى ماذا لو أن نفس هذا الشيء حصل للثقافة أيضاً فتم بناء المنشآت عند استضافة إحدى دول الخليج العربي لمهرجان ثقافي وتمت استضافة أدباء وفنانين عالميين لحضور فعالياته واستقدم الكتاب والأدباء والفنانين لتدريب الشباب الخليجيين الموهوبين في مجالات الثقافة المختلفة وحضر افتتاحه القيادات الخليجية وتوفر له التغطية الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة المكثفة في جميع وسائل الإعلام الخليجية وتشجيع الناس على الحضور فما المكانة التي كان يمكن أن يكون عليها المثقفون الخليجيون اليوم وما الإنجازات التي كان يمكن أن تكون على المستويين العربي والآسيوي بل وما الذي كان يمكن أن يحدثوه من أثر ويحققوه من إنجاز على المستوى العالمي؟ ، أكان يمكن على سبيل المثال أن نجد مثقفين خليجيين يشاركون الآن في المهرجانات الأدبية العالمية ؟ ، أو أكان يمكن أن نسمع عن حصول أديب أو فنان خليجي على إنجاز في أحد المجالات الأدبية أو الفنون العالمية ؟ ثم وماذا عن المستوى الآسيوي ؟، أظن شخصياً كل شيء كان ممكناً فالمثقف الخليجي ليس أقٌل شأناً من غيره من مثقفي العالم.لكن بعيداً عن الأحلام والفرضيات فإننا على أرض الواقع حتى الآن لا يوجد لدينا على مستوى الخليج العربي مهرجان خاص للثقافة وبالتالي لا يوجد منجز على المستوى العالمي ولا حتى على المستوى الآسيوي وحتى يحصل لا بد أن نبدأ كما حصل لكرة القدم الخليجية تحديداً أي أن نبدأ أولاً بإقامة مهرجان خليجي لكن من يأخذ بزمام المبادرة والشروع في تحقيقه ؟.