سؤال وجهته فتاة متعلمة ذات خلق ودين في الأربعينيات من عمرها لأهلها عندما رفضوا شاباً تقدم طالبا الزواج منها مشهودا له هو الآخر بالدين والخلق. تقول محدثتي: لا أستطيع استيعاب وفهم سبب رفضهم اللا منطقي واللامعقول . من حقي أن أتزوج وأن أعيش كغيري من النساء وأن يكون لي بيت وأولاد. طلبت تفسيرا من أبي فكان رده: إنه لا يناسبنا من حيث اسم العائلة ونسبها! واجهته بحقيقة أن أخي متزوج من فتاة في نفس مستوى العائلة الذي يتكلم عنه إن لم يكن أقل منها من حيث النسب وَبَاركْتم زواجه ولم تعترضوا عليه ، وجميع أبناء عمومتي وبناتهم متزوجون من نفس مستوى العائلة ، جاءني رده أخوك رجل وأمره يختلف عن أمرك فلا تقارني نفسك به ، لم أقتنع بمبرراته وواصلت محاولات إقناعه، شرحت لوالدي بكل صراحة حاجتي المعنوية والجسدية وبينت له حقيقة يتجاهلها أو يحاول تجاهلها باستمرار ؛ وهي سنوات عمري الجارية ، تجاوزت الأربعين ببضع سنوات وفرصي في الإنجاب التي تقل ، وفرصي في الخطّاب أقل ، فكم من الخطاب رد منذ سن الثامنة عشرة حتى الآن حيث لم يعد أحد يطرق بابنا ، فإلى متى هذا التعنت والإجحاف؟ وسألته عن مصير أخواتي الأربع اللاتي شارفت أصغرهن على الخامسة والثلاثين، هل سنقضي بقية عمرنا عازبات؟ خاطبته بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ربانا على هديه وخلقه ودللت على ذلك بالآيات القرآنية الكريمة والسنة النبوية الشريفة وتعاليمهما الواضحة بهذا الشأن والتي لا تحتاج إلى تفسير في هذا الموضوع وبأهمية ستر البنات، ولكن ضاعت جهودي سدى. لجأت لأخي الكبير عله يقنع والدي فجاءني رده هو الآخر : إنه طمعان في فلوسك يقصد الشاب طبعا، أوضحت له أنه رجل أعمال ميسور الحال وليس محتاجا لمرتبي الذي تعنيه ونحن عائلة متوسطة الحال فلماذا التفكير بهذا الشكل؟ وكمحاولة أخيرة لجأت إلى أخي الأصغر المتزوج حديثا بفتاة من عائلة أغلب أبناء عمومتي متزوجون منها وفاجأني برده عندما قال : كيف سأقابل عائلة زوجتي؟ ماذا سأقول لهم؟ أذهلني الرد حقيقة وعرفت حينها أني أدور في حلقة مفرغة لا حل لها إما أن أقبل ردودهم غير المعقولة وغيرالمقبولة بالنسبة لي وإما أن ألجأ إلى القضاء وهذا حل صعب على نفسي لا أقبله هو الآخر. حال هذه الفتاة يدعو للتساؤل: هل فعلا يجهل الآباء حقيقة احتياج بناتهم ؟ هل تصل الأنانية بالإخوة إلى هذا الحد في مثل هذه القضايا المصيرية الهامة المتعلقة بحياة أخواتهم ؟ أين دور علماء الدين وخطباء المساجد في مثل هذه المواضيع والقضايا الاجتماعية الهامة ؟ نحن مجتمع يشهد نموا في عدد الفتيات غير المتزوجات ممن أنهين تعليمهن الجامعي ويعملن وتجاوزت أعمارهن الثلاثين سنة لماذا يضع الآباء العراقيل في وجه زواج بناتهم بمن يرتضونه دينا وخلقا ؟ ألا يكفي غلاء المهور الذي يعد أحد التحديات التي تواجه الشباب في مجتمعنا ؟ قضية الزواج وبناء أسرة مستقرة آمنة من أهم القضايا الاجتماعية التي يجب أن تحظى باهتمام الجميع من أولياء أمور وعلماء دين ومختصين اجتماعيين وأصحاب قرار لتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لأفراد المجتمع.