كلما امتعض الناس من حكم قضائي يرونه جائراً اتهموا قاضيه بالفساد، و هو قد، و أكرر (قد)، يكون مُبرءاً. مع أنه لا عصمة لبشر من أمة محمد كائناً من كان. يَصدُقُ ذلك في كل قضية كبرى، سواء (سيول جدة) أو (موقعة الجمل) بالقاهرة أو غيرهما. لكن لأول مرة تُسلّط الأضواء على دور (الإدعاء العام) في إلباس الجاني جنايته أو تخفيفها أو حتى طمسِها. إنه الدور (الأخطر) من القضاء. فالقاضي لا يحكم بعِلمه و لا برأيِه، بل بما أمامه من أدلةِ نفيٍ أو إثباتٍ وفق الشريعة أو القانون. و أدلّةُ (المدعي العام) عملياً توجّه (القاضي) نحو مُراد الأول. عملُ (المدعي العام) قضائيٌ بشكلٍ آخر، في جَمعِ و توثيقِ و فَرزِ كامل أدلّة القضية بغض النظر عن هوية أطرافها. فإنْ شاء تَحويراً أخفى بعضَها أو أضعفَه. هكذا تمت تبرئةُ قضاء مصر كلَّ مُتهَمي (موقعة الجمل)..سوى (الجمل) نفسه بطبيعة الحال. و ستتكرر براءاتٌ أخرى يبقى المُدان الوحيد فيها جَمَلاً أو سيْلاً أو..أو..إلخ. لكن يظل القضاء بريئاً من الجَوْر. بل ان تبرئتَه شجاعةٌ منه. يؤكد بها أن الفساد ما زال مُستبداً..و أبطاله طُلقاء. Twitter:@mmshibani