تعكف الحكومة الإسرائيلية حاليًّا على حملة واسعة تهدف لحشد الدعم الدولي؛ لنزع الشرعية عن حق اللاجئين الفلسطينيين في المطالبة بإعادتهم إلى الأراضي التي شُرِّدوا منها، وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم جراء عمليات الطرد التي نفذتها العصابات الصهيونية قبيل وبعيد الإعلان عن الكيان الصهيوني. الفكرة التي يقوم عليها التحرك الصهيوني الجديد قديمةٌ، وتتمثل في: تقديم اليهود الشرقيين الذين غادروا الدول العربية، بعد الإعلان عن الكيان الصهيوني- على أنَّهم "لاجئون" تعرضوا ل"الطرد، وصودرت ممتلكاتهم"؛ مما يستوجب على المجتمع الدولي تأييد موقف إسرائيل المطالب بتعويض هؤلاء "اللاجئين". وكما كان الأمر في المرات السابقة فإنَّ الذي يقوم على هذا التحرك هو حزب "إسرائيل بيتنا" العنصري، الذي يتزعمه وزير الخارجية "أفيغدور ليبرمان"؛ وذلك من خلال الوزارات التي يسيطر عليها في الحكومة، وهو ما جعل إسرائيل بأسرها تقف خلفه، مع العلم أنَّ الذي بلور هذه الفكرة هو "داني أيالون"، نائب وزير الخارجية الصهيوني، وسفير إسرائيل الأسبق في واشنطن، وآخر ما تفتقت عنه أذهان هؤلاء العنصريين هو إطلاق "أنا لاجئ يهودي" على الحملة الأخيرة. وتتضمن الحملة تكليف ثلاث مؤسسات إسرائيلية- بالتعاون- لتوثيق وإحصاء أملاك اليهود الذين عاشوا في العالم العربي، ثم هاجروا إلى إسرائيل، وهي: وزارة الخارجية، ووزارة شؤون المتقاعدين، بالتعاون مع المؤتمر اليهودي العالمي، وقد جرى توثيق عشرين ألف حالة من المهاجرين اليهود حتى الآن. وفي الوقت ذاته، تتولى المؤسسات الثلاثة تنظيم مؤتمرات صحفية وندوات دولية ابتداء شهر أيلول الحالي؛ بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ومن أجل حَبْك المسرحية فقد تقرر أنْ تقوم الكنيست بإصدار لوائح وتشريعات تُلزم المفاوض الإسرائيلي بأنْ يطرح في المفاوضات النهائية قضية "اللاجئين" اليهود من الوطن العربي؛ كشرط لإتمام أي مشروع سلام أو توقيع أية اتفاقية؛ تعزيزًا للقانون الذي أصدرته الكنيست عام 2010م، والذي ينصُّ على ربط كل اتفاق نهائي بحل مشكلة أملاك اللاجئين اليهود وحقوقهم كلاجئين. وإن كان هذا لا يكفي فإنَّ التحرك الجديد يهدف إلى إحراج ما يعرف بمعسكر "الاعتدال" في العالم العربي؛ حيث إنَّه يطالب بربط قضية "اللاجئين" اليهود بمبادرة السلام العربية التي نصتْ على إنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967م، وعودة اللاجئين كشروط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ مما يعني تسوية حقوق المهاجرين اليهود ضمن بند التطبيع، بالإضافة إلى بعض التحركات الهادفة. تقوم الحملة الصهيونية على جملة من الأكاذيب والافتراءات، التي أقل ما يمكن أنْ يقال بشأنها: إنَّها لا تعكس احترامًا لوعي من تستهدفهم على الإطلاق، وضمن هذه الأكاذيب- التي تشكل الأسس العامة للتحرك الصهيوني الجديد- هو الزعم بأنَّ عدد "اللاجئين" اليهود يفوق عدد اللاجئين الفلسطينيين، وأنَّ ما تكبدوه من خسائر يفوق 100 مليار دولار. ليس هذا فحسب، بل إنَّ ماكينة الدعاية الصهيونية تزعم أنَّ الأراضي التي كانت بحوزة "اللاجئين" اليهود تفوق مساحة فلسطين ذاتها! وقد أشرفت على "فبركة" هذه المعطيات منظمةٌ يهودية أمريكية تعنى بشأن اليهود الذين هاجروا من الدول العربية، وتطلق على نفسها JJAC ، ومؤخرًا أعلنت هذه المنظمة أنَّها تسعى إلى تأسيس صندوق لتمويل حماية المقابر، وإعادة تأهيل الكنس اليهود، وإعادة كتب التوراة الموجودة في بعض الدول العربية، بالإضافة إلى توفير منحٍ دراسية لدارسة الوجود اليهودي في الدول العربية.