تتعدد الأسباب والموت واحد ، هناك من يموت غريقاً والبعض حادث سير والأكثرية إما مرضاً أو شيخوخة ( أي نهاية الإنسان الديالكتيكية ). وهنا أقول تتعدد الأقدار والحادث واحد . كثر هذا المفهوم لدى من يمسك سلطة الجلاد أو سلطة الجراح، كطبيبٍ مثلاً حين يجري عملية جراحية لمريضه ، وفجأة يموت المريض ، ولكي يهرب من أخطائه يشير الاتهام إلى القدر ، فقد بات القدر هو المحامي والمنقذ والقانون. أفجعنا خبر حادث أب وزوجته وأطفاله في منطقة الباحة ، فالأب فارق الحياة وترك زوجة مبتورة اليد وطفلين تشوهت أجسادهم والمرارة بحياتهم يتم وأمٌ معاقة . كيف سيعيش هؤلاء الأبناء وتتنهد أفئدتهم حسرات في يومٍ أليم ، وكيف ستعيش هذه الأم وهي نصف جناح ، وكيف ستعيش ورحل عنها خير جليس ، مما تستمد قوتها هذا اليوم من يدٍ واحدة ؟ أم ستعيش للذكرى مأساة ؟ هذا ما حدث من مطاردة بعض أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مدعومين من بعض رجال الأمن. أنا أتساءل ما هي المعضلة ؟ يقولون كان رافعاً صوت مسجل السيارة . أتساءل مرة أخرى وما العجب بذلك ؟ وهل في الطربِ غناءٌ فاحش؟ . ديننا لا يأمر بالتشدد أبداً ، ومن يؤكد ذلك لم يفهم دينه أبداً وعليه مراجعة سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين رضوان الله عليهم ، ربما يتراجع عن الباطل . ونؤكد أن ديننا يأمر بالستر والصلاح ولا داعي أن نستشهد من الأدلة والقصص ، فديننا واضح وضوح الشمس ، بل يناقش ويحاور من خالفهُ ، وهنا تعلمون إن الخلاف هو الخروج من الملة ، ليس كما يدعون إن صوت الغناء كفر ومنكر لنوقف المنكر ونطارد صاحب المعصية ببسالة ، وإن مات أو قتل فنقول هذا قضاء وقدر. قضاء وقدر يا سادتي هكذا يقولها الطبيب والجلاد حتى قارئ القرآن بسياطه يقول نفس الكلام ، جميع هؤلاء يمتهنون مهنتهم بلا خبرةٍ وبلا معرفة، ويعجز عن بحث السبب ، بل يقول لك أريد أن انهي عملي والسلام ، والشرف والأمانة ضاعت في دهاليز الظلام . هنا انوه أن حكومتنا الرشيدة لا يسرها هذا الخبر ولا حتى رئيس جهاز الحسبة ، وكم مرة حذروا من هذا الفعل ، فإن في المطاردة مأساة أكبر من المشكلة نفسها ، ولا جدوى في عقولٍ ناضجة تعمل ميدانياً بشرفٍ وأمانة في طاعة الدين وولي الأمر، فيجب تدريب أصحاب المهن الميدانية ، بل إخضاعهم بإتقان لغة التحاور والمناقشة بابتسامةٍ لطيفةٍ وجميلةٍ (وليست صفراء).