حقيبة ال هِرمز، وحذاء كريستان لوبوتان ذوالقلب الأحمر، وخاتم سان لوران، وطلاء أظافر تيفاني بلون السماء، تلكَ الأشياء على سبيل التعداد لا الحصر، والأصل لا التقليد، هي مدعاة التفاخر والاستعراض وتطويل الرقبة، وبها تمتلكُ الفتاة الأحقية بالحديث مع سائرهن، ولا بأس من نظرة استعلاءٍ خفيفة، فأنت في عصر: "أنت تشتري الماركات، إذًا أنت موجود". لم ينهَ الله عن التزيّن، بل أمر به، قال تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد" ولكن تكمن المشكلة في المبالغة لأقصى درجاتها، فتذهب الفتاة إلى الجامعة التي يفترض بأنها مكانٌ للعلم، محملةً بكل أصناف الماركات، حتى يهيّأ لك أن أصابعها ستنكسر من ثقل الخواتم، وحقيبتها أكبر مما يستطيع كتفها تحمله، وقدمها تئن تحت وطأةِ الكعب العالي، لدرجة أن إحداهن استندت بيدي ذات مرةٍ في إحدى الممرات وهي لا تعرفني! لمَ هذا الانحدار لأقصى درجةٍ من درجات المحاكاة والتقليد، والتماشي مع نباحِ السقوط، والحرص على الظهور بمظهرٍ وكأنه نُصّ على وجوبه، وإن لم يناسب ذوق الفتاة ولا ميولها، ولكن الأمر كما قال الأول: إذا قالت حذام فصدّقوها إن القول ما قالت حذام. الأذواق تتعدّد، والمستويات الاقتصادية تختلف، والشخصيات تتباين، ولكن أمام الماركات الجميع سواسية، بل وتجد الفتاة ذات المستوى الاقتصادي المنخفض تجاهد في سبيل أن تظهر بالمظهر السائد كما بيّنت نتائج دراسة د.نجاة باوزير لدوافع شراء بعض الأسر للملابس حيث تركز الدافع العاطفي في تقوية المكانة الاجتماعية وحب التفاخر. فيكون ذلك على حساب علاقتها بأسرتها، وإرهاق مصروفاتها الضئيلة، فتعوّض النقص وتزيد عليه خيرًا كثيرًا، وانحطاطًا أكثر. هذه الأناقة المتطابقة حد الملل ليست فرض كفاية، بل فرض عين، وتحمل لواء تبليغها واللفت إلى مفروضيتها الفارغات من الفتيات، اللاتي تُحِلن الوضع إلى التقييم العام، فالفتاة التي تخالف الدستورَ المحلي وتمسك بحقيبةٍ لا يتعلق بسلسلتها اسم ماركةٍ تعلُّق الطفل بأمّه، تصبح حديث الموسم، ويستلمنها بالنصح والإرشاد في سبيل تقويم سلوكها الشاذ، وإلحاقها بركب الحميرية المتقدمة. آن لأمهات المستقبل أن يتعقلن، آن لنظرهن أن يرى أبعد من اسم ماركة أو لون حقيبة، وأن يتوقفن عن اللهاث خلف كل لامع، فلن تتقدّم أمتنا الإسلامية بهذا، ولن تتأخر لأن (فلانة) حقيبتها تقليد! ولا نغفل دورَ الأسرة، الأمهات في البيوت، فتياتكنّ أمانة. عقليتهن تضيع وهويتهن تذوب، ولا يتحركُ سوى البطاقات البنكية، اتقوا الله في بناتكن، والمال ستُسألون فيم أُنفق؟ فابدأن بتجهيز لستة قائمة الماركات.