التغير هو الوليد الحتمي للاختلاف .. أما الإصرار على التقليد والخنوع لذات الأفكار فلا ينجم عنه غير الجمود والتيبس وبالتالي الضمور والذوبان والتلاشي ، يقول الفيلسوف البريطاني [ جون ستيوارت ميل ] إن « الاختلاف في مجتمع ما يتناسب غالباً مع كمّ العبقرية والنشاط العقلي والشجاعة في هذا المجتمع « ونحن لا ينقصنا في هذا المجتمع إلا الإقرار بهذه الحقيقة .. الاختلاف يغمرنا غمراً ويكذب من يدعي أننا على قلب رجل واحد وعلى ذهن رجل واحد وعلى نصل نسق واحد .. نحن مختلفون و لا نزال مختلفين ولن يبرحنا الاختلاف ؛ لكننا نفتقد الوعي بحتمية ذلك الاختلاف .. نحن بحاجة إلى إدراكه . لازلنا نتعامى عن شمسه الساطعة التي لولا شروقها ما تحاقبت التواريخ ..وتداولت الدول ..وتدافعت الأمم ..وتجددت القيم ..وتطورت المفاهيم . وحدها المجتمعات الناقصة ..التي لا تثق بثوابتها ترتاب من العيش والنمو في كنف الاختلاف ..وهي ذات المجتمعات التي أمست حطب التغير وضحيته ، ذات المجتمعات التي صارت تحت قوقعة انكفائها كوكباً يدور في أفلاك بقية الأمم .. وذات المجتمعات التي أصبحت غير قادرة جراء سطوة هذا الدوران أن تحافظ على هويتها أو أن تؤسس لمشاريع حقيقية تعزز من قيمها وتنهض بحضارتها ، الانغلاق والجمود ونبذ الآخر لن ينوء بمتبنيها عن سنة التغيير . فالتغيير دائرة كبرى تكتسح التجمعات البشرية أياً كانت خصوصيتها رغم أنف من يتصدى لها دونما إذن أو تحذير . كريستوفر كولومبيس اكتشف القارة الأمريكية لأنه اختلف عن حتميات عصره ومسلماته التي هي ذاتها المسلمات التي أجلت استفادة العالم من تجارب غريغور مندل لأكثر من مئة عام بعد وفاته ، ومن قبلهما المسلمون الأوائل الذين آمنوا بالاختلاف وفريضة السير في مناكب الأرض شقوا صدر الظلام بنور العلم والتقصي والتنقيب ، إنها فريضة الاختلاف الإلهية التي لا مناص منها حتى تتهاوى المسلمات الزائفة وتتساقط الخرافات الآسنة ، وفي ذات الوقت ترسخ الثوابت وتتأصل الحقائق وتنبلج الأضواء على الحياة ، والشجاع حقاً من يدرك هذا صارخاً في وجه التصلب بملء فيه « نعم نتغير .. لأننا لا زلنا على قيد الحياة « . @ad_alshihri