استمعت إلى عدة برامج إذاعية في مختلف الإذاعات التي تتناول مواضيع اجتماعية وحوارية حيث قاموا بالحديث عن مجموعة من الشباب "زي الورد" يحملون من الموهبة والإبداع الخارق ما جعلهم يتوجهون إلى مواقع الانترنت لعرض مقاطعهم، وطُرحت عدة محاور وأسئلة في تلك البرامج منها لماذا توجهوا إلى اليوتيوب؟ وكيفية استغلالهم؟ وما إلى ذلك من أسئلة حوارية توسع مدارك الفكر والعقل لدى المتلقي، ولكن ما يلفت الانتباه أنه حينما تحدثوا عن سبب توجه الشباب إلى الانترنت؟ كانت الأجوبة تدور حول الحرية في المواضيع، ولتقديم نوع وشكل جديد في الطرح ولم يتم التطرق إلى السبب الرئيسي لذلك بل انتقل الحوار إلى غيرها من أسباب قد تكون "ثانوية". التقيت بمجموعة من هؤلاء "المبدعين" وتحدثنا سويةً عن تلك الأعمال والجهود المبذولة لإنتاج ما يقومون به من أعمال على الرغم من أنها سهلة ممتنعة إلا أن تصل إلى قلب المتلقي مباشرةً، وفيما يدور الحديث بيننا اتضح لي "السبب الرئيسي" من التوجه لما يسمى اليوم "بالإعلام الجديد" الذين أصبحوا هم القائدون له ورموزه المعروفون ألا وهو أنهم طرقوا أبوابا كثيرة من قنوات وإذاعات وصحف ومنتجين باحثين عن من يتبنى ما بداخلهم من مواهب إلا أن سعيهم (وكالمعتاد مع أولئك المتسلطين) باء بالفشل، لكن لم ييأسوا بل اتجهوا إلى اليوتيوب وعرضوا ما لديهم من أفكار وطرح جميل بلغ به الإبداع والفن ذروته حيث أن جميع ما يقدمونه هو حقاً "كوميديا الموقف" وليس "التهريج" مثل التي نشاهدها على الشاشات. ولكن ماذا بعد ذلك؟ أتاهم أولئك الذين رفضوهم مقدماً "يقبِلون الأيادي" ليقدموا لهم العروض المالية المغرية التي تجعلهم أن يوافقوا على تقديم فقرات في قنواتهم وإذاعاتهم "لا أدري لماذا يعشقون ذلك؟". وعلى هذا الموضوع نُشر لي مقال في إحدى الصحف المحلية عن المواهب وإجحاف الناس لهم وكان عنوان المقال بعد تعديل الصحيفة له (وأظن أنه من باب التسلط) "الموهبة في مهب الريح" حيث أن عنوانه الأساسي الذي خطه قلمي وصاغته نفسي هو "باي باي هندسة" وذكرت فيه إن هناك أناساً استطاعوا أن يستغلوا ما بداخلهم من "طاقات" وهي الموهبة مقابل أي شي آخر وأصبحوا ممن يشار إليهم بالبنان مثل بيل جيتس وستيف جوبز، وغيرهم ممن تخصص في الطب وأصبح فناناً، وخريج الدراسات الإسلامية وأصبح من ألمع المذيعين السعوديين والكثير ممن وجدوا أنفسهم في المكان الصحيح. ويوجد فيه رسالة لمن لا يلقون بالاً لتلك المواهب كأصحاب الإذاعات والقنوات والمنتجين بسرعة تبني المواهب التي تحتاج إلى تفجير ما بداخلهم من طاقات لتظهر أمام المذياع أو الشاشة أو على أرض المستطيل الأخضر خاصة وأننا في فترة"ذروة الإعلام".كانت هناك فقرة أثارت استفزاز البعض وذلك من خلال الردود التي وصلتني عبر الهاتف أو البريد الالكتروني والتي تنص على (أن المتلقي ملَ "وطفش" من تكرار نفس الوجوه ونفس الأصوات وذلك كله خوفاً من تبني إحدى المواهب الصاعدة التي قد تصل في يوم من الأيام إلى مكان أعلى مما هو عليه ذلك المتسلط حالياً، وعندما يتم استضافتهم في أية وسيلة من وسائل الإعلام نسمعهم يرددون وبصوت عالٍ نحن نسعد بأن نأخذ بأيدي الشباب، وفي نفس اللحظة يناقضون أنفسهم بقولهم لا يوجد لدينا كوادر سعودية لا ممثلين ولا كتَاب ولا مذيعين) "كم أكره هذه الجملة". أما الآن وبعد مرور فترة ليست بالقصيرة لا من نشر المقال بل من الطرق الكثير على الأبواب الكثيرة التي لا تجد منهم رداً نظراً لأنهم وصلوا إلى ما يريدون "ونسوا وتناسوا" أنهم كانوا يبحثون مثلي حالياً في البحث وجري "الوحوش" ولا أدري متى سيأتي الوقت الذي أجد فيه نفسي في المكان الذي أهواه وأصبو إليه بل واستهدفه بدلاً عن شهادتي التي حصلت عليها من الجامعة حيث أصبحت أردد كثيراً "باي باي هندسة" ولكني الآن سأقول وبصوت عالٍ "ها أنا المتحدي .. فمن ذا الذي يقبل التحدي؟". البريد الالكتروني [email protected] التويتر : @engwaelab