أميركا لايهمها الدماء التي تسفك في سوريا مادامت دماء عربية إسلامية سنية , وليست دماء إسرائيلية التي يوفرها نظام الأسد ليستبدلها بدماء حمص وحماة وإدلب , فيما من جُبنَه ونظامه لم ترق دم جندي إسرائيلي واحد برصاصة جندي سوري منذ مايقارب نصف قرن , طبعاً هذا الذي يدفع أميركا للانكفاء فالدم ليس إسرائيلياً وأيضا ليس دما ترعرع من ونما من دولارات شركات نفطية واستثمارية أميركية بسوريا؛ حقيقة لايمكن القفز عليها أن الاختلاف الذي يبررون به عدم التدخل العسكري وفق الترويكا السرية الروسية الأميركية ؛ لانفط ولامصالح مستقبلية مضمونة وهامة لشركات أميركا العملاقة , ولاضمانة أن من سيخلف الأسد سيكون نسخة منه مهادناً لإسرائيل . وروسياً تُخوِّف الأميركان ببعبع البعد السني للثورة السورية وانتهاجه نهج القاعدة التي تشكل خطراً على روسيا وعلى أميركا في آن واحد ؛ فيما القاسم المشترك بينهما هو لا إشارة خضراء إسرائيلية أن يسقط نظام الأسد ,بل تأكد قبل يومين دعوة إسرائيلية رسمية للرئيس اوباما بتخفيف الضغط السياسي والاقتصادي عن نظام بشّار الأسد . إضافة لفشل المجلس الوطني للمعارضة السورية المؤقتة بإقناع أميركا والروس بأنه سينتهج نهج إخوان مصر في البعد الإسرائيلي , وموسكو بالحفاظ على العلاقات الروسية بما يخدم مصالح الشعبين الروسي والسوري . حقيقتان تؤكدان حقيقة الموقفين الأميركي والروسي الداعم لنظام بشَّار , عدم اعتراض أميركا وإسرائيل على قوافل السفن الإيرانية المحملة بالأسلحة لنظام الأسد و الصمت الاسرائيلي والأميركي عن وجود السفن والقطع البحرية الروسية بالموانئ الروسية , وطائرات الاستطلاع الايرانية بأجواء سوريا، ولو لأميركا مصلحة استراتيجية واقتصادية لاستطاعت إقناع روسيا والصين , وفوق ذلك لديها الرؤية الاسرائيلية تعدل رؤية عشرين دولة عربية. يضاف لذلك الدعم اللوجيستي التسليحي الروسي وتدفق وسائل القمع والبطش الإيرانية وخبرة أجهزتها الأمنية وجهاز " الباسيج " في قمع الثورة الخضراء إبان تزوير الانتخابات الرئاسية الإيرانية , ترفد طهران سوريا إضافة للأسلحة بخبراء من جهازي الأمن والمخابرات الإيرانية , وعبر طائرات الاستطلاع التي ترصد أماكن تجمعات الجيش الحر المنشق عن جيش عصابة بشار الأسد , يضاف لذلك كما أسلفت الدعم السياسي الروسي ومواقفه التي عطلت صدور قرار دولي يدين النظام السوري. وقد أدت تلك العوامل مجتمعة للحملة المكثفة من كافة قطاعات الجيش السوري التي أدت لاقتحام بابا عمرو بمحافظة حمص , والرستن , وإدلب يؤشر ذلك أن نظام بشار يسابق الزمن مستغلاً تراخي الموقف الدولي أوروبياً وأميركياً والرافض روسياً والداعم سياسياً إسرائيلياً عبر ضغطها على أميركا للإبقاء على نظام آل الأسد , والممول والمساعد ميدانياً إيرانياً. خماسي دولي ونظام أسدي بمواجهة قرار شعبي لإسقاط نظام متسلط , ولاتزال الجهود العربية متأرجحة ولاحول ولا قوة لها , وحده هو مجلس التعاون الخليجي الذي يبذل ماباستطاعته لمناصرة الشعب السوري من بطش وجبروت الآلة القمعية الفاشستية الأسدية. إنه حلف " الفُجَّار " في القرن الواحد والعشرين ضد شعب يريد الحرية والكرامة والانعتاق من الذل والمهانة والاستعباد.