من أشهر مباديء إدارة الأعمال هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية الذي يرسم احتياجات الإنسان كهرم متصاعد لا تستطيع الصعود من جزء سفلي إلى جزء علوي إلا بعد توافر احتياجات الجزء السفلي، يقوم الهرم من الأسفل على الاحتياجات البدنية البدائية ثم يليها الاحتياج للأمان ومن ثم الاحتياجات الاجتماعية ثم الاحتياج لتحقيق الذات ثم احتياجات إدارك الذات وأخيراً الاحتياج الروحاني. في معترك التغيرات العنيفة التي تمر بها مجتمعات الأرض كافة ومجتمعاتنا على وجه الخصوص اختلت الأولويات التي نبني عليها علاقاتنا ومخططاتنا وإستراتيجياتنا, فلا تستغرب أن تجد فقيراً يعاني الأمرين من القل والحاجة يناطح آخر على مواضيع تنطعية لا تسمن ولا تغني من جوع بالرغم أنهم حرفياً يعانون الجوع. ولا تستغرب أن تجد عاطلاً عن العمل يفتقد لأول درجتين في هرم ماسلو, الاحتياجات البدنية والحاجة إلى الأمان, ينذر حياته في جدال يقبع في أعلى هرم احتياجاته لتضيع سُداً دون أن يحقق شيئاً لا في الأعلى ولا في الأسفل. كيف نرجو من مجتمع اختطلت أولوياته أن يحارب الفساد وينبذ التطرف ويدعم التميز وينتج المخترع والعالم والأديب ينما عقله الجماعي يعجز عن وضع يده على مواضع النقص الشديد في احتياجاته البدائية التي تبرع حتى الحيوانات في تدبرها ؟ وكيف نتوقع أن ننتج أجيالاً متفائلة ومقبلة على الحياة بروح الإنسان الذي لا يقهر عندما تجد أن أسلافها عجزوا عن صناعة شارع بلا عيوب أو بقالة بلا غش أو مؤسسة حكومية فعالة ؟ وماهو الإرث الذي نخطط كمجتمع أن نخلفه لمن بعدنا ليستفيدوا منه عدا الخلافات السياسية والعقائدية التي خطفتنا جميعاً من واقعنا بينما الأسس الإنسانية تنهار من حولنا ؟ ولماذا نستثمر كل هذا الجهد الذهني والبدني والكلامي والفكري في هذه الصراعات التي لم تثمر على مرر السنين بشيء سوى الإهمال الشديد لكل ما يبني الوطن؟ فقط تساؤلات تزعجني من فترة لأخرى بين سجالات المجتمع غير المفيدة. twitter:@msarrar