في عمر الخامسة يبدأ الفضول بدفع العقول اليافعة لاكتشاف المجهول له بكل الطرق المتاحة وهي طرق عفوية في مجملها ولكنها تؤدي به إلى الوصول إلى إجابة ، وأولى هذه الطرق وابسطها هو (( السؤال )) فدائما ما يسأل الطفل والديه بأولى الأسئلة العفوية كيف آتينا ! ودائما ما يقع الآباء في حيرة ما بين الإجابة على السؤال وبين الهروب من الإجابة وليكتشفها بمفرده ، ويبقى الطفل تحت ضغط علامة استفهام عفوية.. وان تناسى رغبته في الحصول على إجابة ويستمر .. ذلك الصوت الخافت بإلحاح داخل النفس وتحول السؤال ذاته إلى تساؤل هل ارتكبت خطأ بسؤالي أم مجرد الفكرة أني سألت هي خاطئة وتجاوز غير مرغوب وغير محبب !! فيقبع تحت تشعبات استفسارية في كينونته الصغيرة تكبر لتصنع شخصية مكلومة مقيدة تخاف أن تسأل لكي لا تصل إلى نفس النتيجة الأولى، حتى وان وصل إلى عمر الخمسين ، فأصبحت فكرة السؤال فكرة جريئة بحد ذاتها والانتقال إلى لفت النظر الأكثر خجلا أو الأكثر فحشاً هي فكرة مقبولة أكثر وسائدة بشكل اشمل ... ففكرة صد السؤال واستهجانه بكل تنوعه واستنكار حقه واستجراء سائله فكرة محدودة الأفق مستبدة الفكر بالانفراد بالإدراك مرتقياً عن إجابة أي سؤال ، بيد أن التاريخ منذ الأزل بدأ بسؤال وتوالت المعرفة والعلوم بأسئلة بحثت عن إجابات تهدئ من لظى لهيب المعرفة ووصلنا إلى عصرنا الحالي بكل ثورته المعرفية... بالنهاية عندما يسأل طفل أبواه من أين أتيت يجيبانه : اشتريناك من المستشفى .... فلا تسأل !