عندما كتب الدوس هكسلي كتابه " عام جديد شجاع" كان يرى أن العالم في وقت سابق في وضع ينبغي أن تسير فيه العجلات بهدوء بواسطة رجال متزنين هادئين، ولكن الأعوام الشجاعة والجديدة أصبحت لا تأتي، أو قد لا نراها أو نتغافل عنها بصرف اهتمامنا لأمور جانبية، ولذلك قد نحتاج إلى البحث عن الجديد والتجديد في الحياة لأن ذلك من متطلبات التغيير وكسر الروتين. بصفة شخصية، دائماً ما أحب أن أحمل انطباعات معينة عن الأماكن والشوارع والدول والأعوام، فأقول مثلاً شارع كئيب أو هذه الدولة غير حميمة أو بأنني لا أحب هذا المطعم مثلاً لأنه لا يشبهني، ولكن الشاهد أنني منذ أن بدأ هذا العام 2011 وأنا أشعر بغصة غريبة تجاهه، فقد كان في داخلي رفض غريب له، ودائماً ما أقول بأن الأعوام كالإنسان لها وجوه جميلة وقبيحة، مع أن كثيرين يرون فيه عاماً عنوانه التغيير أما أنا فلم أشعر تجاهه إلا بقلق غريب، من واقع الكوارث الطبيعية والوفيات الكبيرة، والربيع العربي الذي تحول إلى خريف، والفوضى السياسية التي اجتاحت العالم. لست متشائمة ولا متشائلة، بل متفائلة بامتياز ولكن المتغيرات التي واكبت العام الحالي كانت أكبر من أن يصمد تفاؤلي المتواضع إزاءها، ولعلنا في خواتيم العام نودع الراحل المقيم في القلوب الأمير سلطان بن عبد العزيز، وهكذا فقد العام الجديد الشجاع بحسب رؤية هكسلي أحد أهم الرجال المتزنين الهادئين، ولذلك فمن الطبيعي أن تجزع النفس وتكتوي بآلامها حين ترى في المشهد العام طيوفاً من الأسى والمتغيرات السلبية، ربما نحتاج الى قليل من السطحية للنظر في الأمور حتى نتغافل عن الحقائق المؤلمة، أو نميل إلى تفضيل الكذبة على الحقيقة المرة ولكن ذلك لن يغير من طبيعة الأشياء من حولنا. الدوس هكسلي طلب من الرجال الذين يديرون العجلة أن يتغافلوا أي يغضوا الطرف عن بعض الأشياء، وذلك واقعي إلى حد كبير، فمن الذكاء أن تكون غبياً بعض الوقت، ولكن مع تراكم الأحداث قد يضطر أولئك الرجال إلى أن يكونوا أغبياء أغلب الوقت حتى يصبحوا أذكياء ولكنه حينها يصبح ذكاء مزيفاً لا يخدم الواقع، وعليه من يجد ما في العام الراحل بكل آلامه ما يسعد ويبهج النفس فليخبرني ويخبر غيري بوصفة المرور عبر النفق المظلم للعام الحالي بكل كآبته أو لننتظر في رصيف الزمن حتى يأتي العام الجديد بأفضل مما جاء به سلفه.