كنت أفكر كثيراً في نماذج للمدينة الفاضلة, التي يجب أن تكون عليها صورة المدن المستقبلية في العالم كله, كلنا نعلم أن حياتنا اليوم تتعرض للكثير من التدمير والتلويث, من دخان المصانع وعوادم السيارات واستخدامات الطاقة غير المنضبط وغيرها من المصادر المسببة للقلق, مستقبل السيارات لابد أن يتحول إلى الاستخدام الكهربائي, ورغم وجود هذا النوع من السيارات بشكل فعلي في الولاياتالمتحدةالامريكية وأوروبا وبعض دول شرق آسيا, إلا أنها تعتمد على النفط في توفير الكهرباء المشغل لتلك السيارات, متى ما اعتمد الانسان على الحلول المستدامة فليعلم أن التطور لن ينقطع وأن التلوث سينقطع, لأن عجلة الحياة سنة كونية وضعها الرب سبحانه لتسير وفق قانون تستمر عليه لحين نهاية هذا الكون, وبأيدينا أن ندمر أنفسنا أو ندعمها ونزيد من رفاهيتها, أما قال الله في كتابه (لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة), ومن هذا نستنتج أن السبب كله بيد الانسان فعليه أن يختار الأصوب والأصلح لحياته, ولو فكرنا قليلاً في تطور الحياة والضريبة التي ندفعها - شعرنا بها أو لم نشعر - من تلوث وإشعاع وأخطار كيميائية وبكتيرية كثيرة, لبرز لنا سؤال واحد يتشعب لآخر, السؤال هو: هل حياتنا أكثر أهمية أم رفاهيتنا؟, وأما التفرع فيقول رفاهيتنا دون التفكير في النتائج أهم أم رفاهيتنا مع الاخذ بعين الاعتبار نتائج الأمور ومآلاتها؟. لسنا أمام لغز صعب أو مسألة معقدة, نحن أمام حل يحتاج منا إلى صبر وقناعية, النموذج الذي أتمناه ليس بعيداً عن مدينة مصدر التي قرأت عنها كما قرأ الكثير عنها في الشبكة العنكبوتية, وأقصد بالنموذج هو خلق مدينة تعمل بالحلول المستدامة في كل تفاصيلها, فكرة خلق المدينة النموذج قد تبدو مكلفة للغاية وهي كذلك, لكن الأسهل من الخلق هو التحويل, ليس من الصعب أن تتحول قرية من القرى أو منطقة في وسط مدينة إلى نموذج يعمل على الحلول المستدامة, ولماذا لا تقدم الجامعات السعودية في داخل أسوارها نموذج للمدينة الفاضلة التي توفر الخدمات لروادها, وتساعد في المحافظة على البيئة من خلال تفعيل الحلول المستدامة بقدر الاستطاعة وما المانع أن يتحول حرم جامعة الملك سعود كمثال إلى نموذج للمدينة الفاضلة, وضربت المثال بهذه الجامعة تحديداً لمعرفتي ببعض قياداتها وسلاسة تعاملهم مع الافكار العبقرية والمجدية, لماذا لا تتحول جامعة الملك سعود بدءا بحدود أسوار الحرم حتى قلب الجامعة إلى مدينة تعمل على الحلول المتجددة والخدمات العامة, لماذا لا يتم وصل الجامعة بشبكة نقل عام تصل أجزاء الجامعة ببعضها ويحظر فيها استخدام السيارات غير الكهربائية, وإلزام السيارات التقليدية التي تعمل على البترول بشوارع محددة لا تدخل غيرها, بل يستقل من فيها النقل العام لمواصلة رحلتهم وسط الجامعة, فهناك ميترو كهربائي وهناك مسارات كهربائية في بعض طرق المشاة تسهل الوصول للمكان المرغوب وتنجز المشوار في وقت أقل, وليس مصدر الكهرباء هو القضية فهناك من الحلول غير التقليدية ما يمكن أن يخفف من استخدام الكهرباء المعتمدة على النفط من خلال الطاقة الشمسية والطاقة الحركية وغيرها مما يستطيع طلاب الجامعة على إنجازه وتقديمه للوطن والعالم في نموذج جامعة الملك سعود. الكثير من المشاريع العبقرية تحتاج إلى مجازف واحد, إن نجح المشروع في يده تسابق إليه المستفيدون من رجال الأعمال والمسؤولين والمهتمين وغيرهم, وهذه المدينة النموذج تحتاج إلى دعم سياسي ومالي, فالسياسي من الدولة والمالي من الممول, وبعد هذا فقط أجلس على طاولة الحكام واكتب درجاتك للمشروع مع نقد موضوعي ودعم منصف, وسترى كيف يتغير العالم, فإن لم تكن حلولنا كلها مستدامة فحول ما هو قابل للتحويل إلى مستدام مستدام!.