منذ مطلع الخمسينات من القرن الميلادي العشرين وحتى الان والمعركة قائمة بين الأدباء الشيوخ والأدباء الشباب حول ظاهرة التجديد في الأدب بشكل عام وحول قضية الشعر الحر بشكل خاص وقديستمر هذا الصراع الأدبي لسنوات كثيرة قادمة..!! فالأدباء الشيوخ يرون أن للأدب حرمة خاصة يجب الحفاظ عليها من التطفل ومن الركاكة والانحدار ويرون أن اللغة العربية بتراثها تتعرض لغزو فكري ولضربات شديدة الغرض منها اضعاف اللغة والهبوط بمستواها الى الحضيض . وعلى هذا الاساس يرفض الادباء الشيوخ كل غموض في اللغة وكل رمز وكل نتاج شعري لا يتتبع الخطى الاصيلة في دروب الشعر. والادباء الشباب يرون أن في مطلب الأدباء الشيوخ مغالاة كبيرة فهم يقولون: إن الزمن قد تطور وان عوامل تطور الأدب لابد منها لمسايرة الآداب العالمية الأخرى التي تصف لغتنا بالتقوقع. وقامت فئة من أدباء وشعراء العرب الشباب بأعمال ادبية تتعارض في بعض مناهجها مع ما كان مألوفاً ومعروفاً من قبل وظهرت الكتابات الرمزية وظهر الشعر الحر. وأمسك الأدباء الشيوخ والأدباء الشباب بخناق بعضهم هؤلاء يدافعون عن اللغة العربية والشعر العربي وأولئك تحمسوا لتطوير الأدب العربي واعطائه صفة الانفتاح وصفة القوة الادبية العالمية. ومع أن هذه النقاشات والمجالات الطويلة أفادت بعض الشيء إلا أنها كانت العصا التي أوقفت دولاب الأدب عن الدوران مدة من الزمن لان مرحلة الجدال تلك لم تخمد نارها حتى الان . حيث قللتت انتاج الادباء وصرفتهم عن كثير مما كانوا ينوون عمله وابداعه. وفي راي أن الاعتدال خير كما هو معروف فلو ان الادباء الشيوخ تسامحوا قليلا وحاولوا اقناع الشباب بالضرر المترتب على عملهم التطويري التجديدي فلربما استطاعوا ان يكسبوا المعركة لصالح اللغة ولصالح الأدب. ولو أن الادباء الشباب حاولوا تخفيف حماسهم واندفاعهم لاستطاعوا اقناع الادباء الشيوخ بأن يعطوهم فرصة التجربة والنجاح في خطهم الجديد او يتراجعوا بعد اقتناع. إلا أن أولئك وهؤلاء فشلوا في سماع اصوات بعضهم وسط الضجيج والصراخ فلم يصل أحد الى ماكان يؤمل ويريد..! على أي حال ليس المهم من يكون منهم الفائز ولكن المطلوب من الفريقين هو أن يعطونا ادبا جيداً أما الزبد فإنه سيذهب جفاءً. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض فهل يترك الادباء شيوخاً وشباباً معاركهم الثانوية الجانبية ليعملوا على رفع شأن الأدب؟! هذا هو الأمل.