ما أكثر ما تُعقد المؤتمرات والندوات العلمية في جامعاتنا العربية، بل فيها ما يُعقد سنوياً أو دورياً أو مع كل مناسبة تكريمية لأحد أو مناسبة تاريخية أو اجتماعية أو مع كل مهرجان من المهرجانات الكثيرة التي لا حصر لها ولا عدد وما أكثر ما يُنفق في الإعداد لها من تأليف لجان، وصرف تذاكر سفر، واعتماد الإقامة والإعاشة للمدعوين إليها، الأموال الطائلة، والجهود المضنية وهكذا أضحت جامعاتنا معروفة مشهورة في العالمين الغربي والشرقي بأنها جامعات كلام لا عمل، لأن قليلاً من هذه المؤتمرات في غير جامعاتنا تكفي للعمل بعدها سنوات طويلة، لتنفيذ نتائجها. إن كل الجامعات تعرف متى تحتاج إلى عقد شيء من هذه المؤتمرات والندوات، وكيف تستثمر الأموال والجهود التي أنفقت فيها، وتوظف خبرات المستقطبين من العلماء لحضور هذه المؤتمرات، وتعرف كيف تستفيد من التوصيات والقرارات التي انتهت إليها.أما عندنا فالمؤتمرات والندوات الكثيرة تقام، ويُدعى إليها المقربون إلى المدير أو الوكيل أو العميد، أو المرضي عنهم عندهم، ورجالات الإعلام الكبار منهم والناشئة، وذلك ليقال إن الجهات التي تقيمها نشطة ومتطورة وتواكب الزمن، ولا يُرى لأي منها أثر بعد انتهائها، على نحو عجيب ليس له نظير، يحمّل أمتنا عبئاً ثقيلاً، ويُضيع عليها جهوداً وأموالاً وأوقاتاً كبيرة، ويُهدر علم العلماء وبحوث الباحثين، وينحو بها إلى الإسفاف والتبذل. إن أكبر دليل على هذا هو أنه ليس هناك في أية جامعة من جامعاتنا الحكومية أو الأهلية التي تقيم هذه الندوات والمؤتمرات : قسم أو لجنة أو فريق عمل مكون فيها، يقوم بمتابعة القرارات والتوصيات التي تصدر عنها، والإفادة منها، كل فيما يخصه، وذلك بإعداد الخطوات التنفيذية الفعلية، وإعداد الموازنة العامة لها سنوياً، والكتابة إلى جهات الاختصاص لإصدار القرارات الفعلية لتطبيقها، والمتابعة الدقيقة والتعقيب المستمر حتى يتم التنفيذ. ومعلوم لدينا جميعاً قبل انعقاد المؤتمرات والندوات وفي أثنائها وبعدها أن شيئاً من ذلك لن يحدث، لأن المهم عندنا هو انعقادها والسلام. قبسة : الضجة لا تصنع خبزاً [ حكمة فرنسية ] مكةالمكرمة : ص ب : 233 ناسوخ : 5733335