اقتضت المصلحة العامة إعادة وزارة الإسكان إلى الحياة مرة أخرى بعد أن دمجت صلاحيتها في وزارة الشؤون البلدية والقروية لكي تكون بداية النسخة الجديدة للوزارة صحيحة وقائمة على أسس سليمة فلابد لها ان تتفادى ما سبق من اخفاقات أو أخطاء لا سيما أن النسخة الجديدة من الوزارة وقع بين يديها مئتان وخمسون مليار ريال لتنفيذ أضخم مشروع إسكان في البلاد ومن تلك الاخفاقات السابقة ما يمكن إيجازه فيما يلي: أولاً: تم بناء مئات الأبراج السكنية في بعض المدن والمحافظات ومنها محافظة جدة بتكاليف وصلت إلى عدة مليارات ثم تركت تلك الأبراج السكنية بعد اكتمال إنشائها وتجهيزها للسكن تركت ما يزيد عن عشر سنوات للهواء والغبار وللطيور الأليفة والجارحة تضع على نوافذها بيضها وتفقس زغاليلها وكان من يمر بتلك الأبراج يتعجب من كونها خالية مهملة فيما يبحث الناس عن سكن أو شبه سكن ليأوي إليه وربما سكنها نفر من الجن وأدى ذلك الإهمال إلى حاجتها إلى صيانة شاملة لتمديداتها الصحية والكهربائية والمائية وغيرها من أنواع التشطيبات كلفت مبالغ تزيد عن نصف تكلفتها سابقاً. ثانياً: قامت الوزارة سابقاً ببناء فلل سكنية صغيرة في مكةالمكرمة وربما في غيرها من المدن والمحافظات ولم تزل فلل الإسكان في مكةالمكرمة في جزئها الجنوبي غير مكتملة من ناحية التشطيب وبقيت على أحوالها منذ ربع قرن حتى أصبحت مأوى للكلاب الضالة ولمن يريد ان يمارس فيها أعمالاً غير حميدة فلا هي استكملت ووزعت على المستحقين من المقترضين ولا هي بقيت أرضاً ولا سُلِّمت بحالتها الراهنة مقابل القرض العقاري ليكملها من يستلمها فبقيت تلك الفلل المنتشرة في ذلك الجزء المهجور محاطة بسياج حديدي ليراها من يمر على تلك أشباه الفلل ولتكون شاهداً على هدر المال العام. ثالثاً: قامت بتوزيع شقق الأبراج السكنية التي في جدة على عدد من المستحقين للقروض العقارية مقابل قروضهم على أساس أن يسددوا القرض على أقساط شهرية فإذا فرحوا بها وسكنوا جاءتهم الوزارة وأخبرتهم أن الدفاع المدني قد قرر أن العمارة بها عيب وأن المطلوب إخلاؤها فوراً حتى لا تقع فوق رؤوس ساكنيها وأن إعادة تأهيل العمارة التي بها الخلل الفني لن تستغرق أكثر من ستة شهور فيمر عام وعامان وثلاثة ولا يدخل العمارة أي عامل صيانة أو ترميم أو إعادة تأهيل ويبقى الذين خرجوا من شققهم مشردين إما عند أقاربهم أو في شقق مستأجرة منتظرين اليوم الذي يتم فيه إعادتهم إلى شققهم أو تعويضهم بشقق أخرى يتم شراؤها عن طريق الوزارة الجديدة لأن المتضرر الأول والأخير في هذه المسألة هو المواطن محدود الدخل أما المقاول والمشرف وشركة الصيانة فإنهم أكلوا العسل وتركوا قشر البصل ولم يحاسبهم أحد على هذا الإهمال. وأخيراً على الوزارة الجديدة أن تلاحظ ما ذكر ولابد لها من علاج مشكلة أصحاب الشقق الذين اخرجوا منها وإن أمكن معاقبة المتسبب في الإهمال وأن تتفادى في مشاريعها الجديدة ما حصل من إخفاق وإهمال وعندها تكون بدايتها بداية صحيحية.