في الوقت الذي يتطور فيه العالم الغربي والشرقي من حولنا، وتتطور معطيات الحياة العلمية، في مختلف مناحيها ومجالاتها، بصورة ملحوظة ومتسارعة، لأن العالم المتقدم يدرس ويبحث ويخطط ويطبق، ثم يراجع تجاربه بين حين وحين، ويحافظ على مكتسبات التوفيق والنجاح فيها. في هذا الوقت الذي نرى فيه كل ذلك، ونعجب له، وبخاصة في بعض العالم الشرقي الذي تحقق فيه ما تحقق من التقدم، وفي غضون السنوات العشرين الأخيرة فقط، نرى تهاوي مستوى البحث العلمي في عالمنا العربي، في ظاهرة لا نظير لها في تاريخ العالم القديم والجديد، وتشكل معوقاً أساسياً كبيراً لكل تطور وتقدم لأية أمة. إن هَمَّ أساتذة الجامعات الوحيد في عالمنا العربي هو الترقية العلمية، ولا سبيل إليها إلا بأن يتقدموا لخطبتها بالبحوث العلمية، ولأنهم مستعجلون عليها لتحسين معيشتهم بل متهالكون عليها، قد يقومون بمباركة من لوائح الترقيات ومباركة من بعض جهات التحكيم بأعمال بهلوانية أو غير مشروعة في إعداد هذه البحوث. فالأستاذ المساعد منذ أن يحصل على الدكتوراه يفكر بكل جشع في أن يرقى إلى درجة أستاذ مشارك والأستاذ المشارك منذ أن يرقى إلى هذه الدرجة يفكر بكل تبجح في أن يرقى إلى درجة «أستاذ». و«الأستاذ» يركن إلى النوم العميق إلى أن يحال إلى التقاعد. وكل من له علاقة بموضوع الترقيات العلمية في عالمنا العربي من أعضاء المجالس العلمية في الجامعات، وأعضاء مجالس تحرير المجلات العلمية المحكمة فيها، والأساتذة الذين يقومون بتحكيم البحوث يعرف كيف يتفنن بعض الأساتذة في تقسيم البحث الواحد إلى أربعة أقسام أو ستة، حسب المطلوب وكيف يستل بضربة معلم من بعض أبواب أو فصول رسالته لل «ماجستير» أو «الدكتوراه»، مباحث أو مطالب أو أفكاراً ؟ وكيف يلفق بالقص واللزق أعمالاً فجة لا يمكن أن توصف بأنها بحوث ؟ وكيف أخذ المحكمون في هذه البحوث تبعاً لضعفها وركاكتها وفجاجتها يتنازلون عن كثير من الأصول والقواعد التي يجب على هذه البحوث مراعاتها، فيجيزونها للنشر أو الترقيات العلمية ؟ إذا كان هذا هو حال بحوثنا العلمية. والبحوث العلمية هي أساس كل تقدم في الأمم. سنظل نرى فقط العالم من حولنا يتطور. ونظل نعجب لذلك ! قبسة : من طلب العلا بغير كد أضاع العمر في طلب المحال [ المتنبي ] [email protected] مكةالمكرمة : ص ب : 233 ناسوخ : 5733335