لماذا تتكاثر الأحداث والفتن علينا نحن المسلمين يوماً بعد يوم؟ لماذا نعيش اليوم فرادى وجماعات في قلاقل واضطرابات؟ لماذا ذهب عنا صفو حياة الأمس، وحل محله الكدر؟ ورحلت الطمأنينة وحل محلها التوتر؟ واختفى الصدق والوفاء والقناعة وحل الكذب والخديعة والنفعية؟ ومُحِقت البركة والألفة والإيثار، وحل الحاجة والجفاء والأثرة؟ كل الناس يتساءلون. ومنهم من يشتغل بالتفكير في الإجابة، ومنهم المتشاغلون. ولكن ما هو الجواب؟ ومَن منهم أصاب المحزَّ فيه، ومن تنكب الصواب؟ ولعل أظهر الإجابات وأغلبها ينصب على: انفتاحنا على العالم من حولنا، وعلى تأثير الفضائيات على تفكيرنا وسلوكياتنا، وعلى اتساع مدننا وقرانا وهجرنا وعائلاتنا، وعلى رتم الحياة الجديدة القائم على العمل ولا شيء إلا العمل! وعندي أن هناك سببين رئيسيين لما نحن فيه أولهما: تفشي التعامل بالربا، فبالربا أحللنا بأنفسنا عذاب الله، لأننا بالربا نحارب الله، وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} (البقرة: 278) والحرب هي هذه الأحداث والفتن والقلاقل والاضطرابات التي نعيشها. وقال عليه السلام: « إذا ظهر الربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله » وعذاب الله هو ما نحن فيه من كدر حياتنا وتوترها، وما فيها من كذب وخديعة ونفعية، وحاجة وجفاء وأثره. وثاني السببين هو: تفشي ظاهرة الفتوى من قبل كل أحد، فقد طالعنا عدد كبير منهم بتصدرهم للفتوى، وهم لم يتأهلوا بعد لها. فصاروا يفتوننا في كل شيء، وبعلم وبغير علم، وأحدث شيئاً غير قليل من الاضطراب والتشويش والبلبلة في الناس في أمور دينهم، وموقفه مما استجد في حياتهم. وهم يعلمون أو لا يعلمون أن علماءنا القدامى كانوا من شدة تفهمهم في دين الله لا يتصدرون للإفتاء إلا بعد أن يتحققوا من أنهم تأهلوا لذلك بالعمق والإحاطة والأناة والحكمة. وكانوا لا يفتون إذا كان هناك من يرونه أولى وأحق بالإفتاء منهم في المسألة التي يستفتون فيها. ونحمد الله أنه لا يفشو في بلادنا التعامل بالربا، ولا تتفشى ظاهرة الفتوى على النحو الذي ذكرت، وبخاصة بعد أن صدر الأمر السامي الكريم بألا تصدر الفتوى إلا من جهة واحدة؛ هي هيئة كبار العلماء. ** قبسة: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «استقبلوا البلاء بالدعاء». [email protected] مكةالمكرمة: ص ب: 233 ناسوخ: 5733335