أثبتت هذه الحياة أنها المدرسة الحقيقية التي تروضنا وتجعل منا بشرا نقف بكامل ضعفنا أمام بعض الوقائع التي نعجز عن حتى مجرد التفكير بها . مؤلم ذلك الشعور الذي يتملك البعض على أنهم أقويا متناسين أن فوق قوتهم قوة أحاطت بكل شيء . ربما هي الأقدار التي تضع في طريقنا قصصا من نوع العبرة والعضة لكي تهتز قلوبنا وتنفض عنها خذلان الكبر الذي يعتم عنها بين الحين والحين . قرأت قصة تقطر أسا لأم انفصلت عن زوجها ولم يُكتب لهم المضي قدما في دروب الحياة التي قد تكون جمعتهم صدفة أو عن حب . هذه الأم الذي طلقها زوجها تفطر قلبها أربع مرات .. مرة لأجل سماعها أبغض كلمة قد تسمعها أنثى ، كلمة في قوتها تشبه أعطاء أوامر الحروب والدمار وقصف المدن والبشر .. تشبه سنوات الجدب والجفاف وعطش العروق . وثلاث مرات لفراقها أبنائها الثلاثة وكأنها تعاقب لأنها لم تكن أما تمتلك المناعة ضد ويلات هذه الكلمة . تخيلوا ذل هذه الأم وهي تجر أنوثتها وقهرها أمام سيادة ذكورية كاملة من أجل السماح لها بحضانة قطع من قلبها تبض بعيدا عنها . لن أدخل في تفاصيل الإجراءات وسيادة المحاكم والمواعيد لمعرفتكم المسبقة بها .. ولكني سأطرق قلب الأب بكلمات لعلها بقوة من الله تذيب بعض قسوته وتجعله يستشعر أنه مهما كان قويا فإن له يوم ضعف يتمنى فيه من يرحمه فلا يجد غير قسوته البغيضة تزدريه وتسكب عليه من بؤسها . تقول الأم المسكينة أنها تشاهد الابن مرة كل أسبوع بينما البنات لا تشاهدهم سوى مرة في الشهر بحسب مزاج الأب والأسباب حجج تميت القلب ولا تشفيه . وأنا أقرا هذه القصة سألت كل شيء حولي .. هل نحن مسلمون حقا ؟ لأننا بهذه التصرفات نناقض تعاليم ديننا جملة وتفصيلا . ما أبشع قوتنا عندما تكون في سبيل جلب ألم الآخرين وما أقواه الألم عندما ينتج عن فراق فلذات الكبد . الأم وهي تختم كلماتها المرتجفة تشعر أنها شجرة اقتلعت من جوف الأرض لتفقد كل شعور بالحياة .. وكأنها بجعة تحرك أجنحتها لموعد رقصة أخير وعلى شفتيها لحن وداع يقترب من شاطئ البحيرة . فمن نشكر يا ترى على هذا الشتات السحيق بين قلوب فككتها قسوة قلب ؟ هل نشكر القانون أم قلب الأب ؟