** على ما أذكر أن أول رحلة لي إلى اليمن كانت في عام 1982م عندما وقع زلزال ذمار وكانت دعوة من وزارة الإعلام اليمنية وكان وزيرها الأستاذ الشاعر حسن اللوزي. كانت الرحلة مليئة بكل تصورات المجهول وإن كان اليمنيون حاضرين في الذاكرة فهم عاشوا معنا طفولة وشباباً وكهولاً، كان "علي السودي" وهو شاب يمني كان – يعمل – لدى عمي كنت أعتقد أنه سعودي أباً عن جد لم أتخيل أنه يحمل جنسية أخرى. لتلك العلاقة التي نشأت بيننا، في مطار صنعاء هناك التقيب الأخ – طارش قحطان – وهو من وزارة الإعلام اليمنية، لأتعرف على سائق السيارة المرسيدس الجديدةالبيضاء – أحمد – لتمضي بي السيارة إلى فندق – رمادة حدة – كانت اليمن توها تفوق من عنف الزلزال الذي دمر "ذمار" قلت "لطارش قحطان" تعرف أنكم تدخلون التاريخ من أوسع أبوابه وأنا أرى ورشة العمل الجارية في صنعاء كانت الشوارع تسودها حفريات وكانت المرأة تقود سيارتها وهي كاملة الحجاب صمت.. في اليوم التالي كان لقائي مع الدكتور الشاعر اليمني الكبير عبدالعزيز المقالح وكان يومها مديراً لجامعة صنعاء ومديراً لمركز التراث والسياحة إن لم تخني الذاكرة في المسمى وقد استقبلني ودخل بي إلى المركز، هناك لفت نظري وجود سيدة محجبة تماماً أمامها آلة كاتبة وأخرى نصف محجبة أي ملثمة وأخرى سافرة عن وجهها.. وفي وسط الغرفة رجل أمامه بعض الملفات. نظر إليّ الدكتور المقالح وكأنه قرأ ما يدور في ذهني حيث قال لا تستغرب هنا لكل واحدة قناعتها وعليها أن تمارس ما تعتقده بحرية تامة. في يوم – الاثنين – وكان ثالث أيام الزيارة أن قيل لي لك دعوة من أحد أصحاب المجلات اليسارية ويدعوك إلى الغداء بس عليك أن تفهم أنه يكرهكم كسعوديين قلت لأنه يكرهنا أريد أن ألبي الدعوة وقد كان ذهبنا بعد صلاة الظهر وفتح لنا باب المنزل وهو يقول لي أنت أول سعودي يدخل إلى منزلي. قلت له وأنا أمد له يدي مسلماً لقد خسرت كثيراً لك الفخر إذاً عندما تستقبل سعودياً. ونحن ندخل باب – الصالون – قال لقد نسيت أنني دعوتكم ولم أعمل لكم غداء. قلت له أرني مكان المطبخ فأنا قادر على إعداد الطعام، ضحك وهو يرمي أمامي نسخاً من مجلته التي كانت تصدر كل خمسة عشر يوماً أنني لم أكتب فيها م – م – أي المملكة لكنني عرفت أخيراً أنكم إخواننا بهذا الأسطول الجوي الكبير الحامل للمساعدات لنا لإنقاذ المتضررين من الزلزال. قلت له : تعرف – يا عبدالخالق – وهذا اسمه : إن الزلزال تأخر كثيراً لكي تعرف أننا إخوتكم. أتوقف عن بقية الرواية مع – عبدالخالق – لوقت آخر وأحيي الدكتورة رؤوفه التي غابت عنا بعد أيام قضتها معنا في محبرتها اليمنية التي تطالعكم بها كل أسبوع في هذا المكان لظروفها الصحية ندعو الله لها بالشفاء العاجل لتعود إلى قرائها سالمة إن شاء الله.