تعرضت جدة لأضرار بالغة لهطول أمطار عليها، ومداهمة سيول منتقلة أثناء موسم الحج عام 1430ه، وشملت الأضرار وفيات بين المتضررين، وتلف أموال، ومساكن وأثاث بيوت وسيارات، وتحدث الناس عن المسؤولين عن إهمال البنية الأساسية لمواجهة ذلك كله، والتي تصمد في وجه هكذا أمطار وسيول، وعن المسؤولين عن المصادقة على مخططات سكنية في مجاري السيول وطال زمن التحقيقات حتى وقعت الأضرار مجدداً هذا العام بيوم أربعاء جديد، هطلت فيه الأمطار بغزارة على مدينتنا، وصحبتها سيول هدارة، وتضرر الناس مرة أخرى، وإن قلت الوفيات، لعل الناس اكتسبوا خبرة في المرة الأولى فاستطاعوا هذه المرة ألا يعرضوا أنفسهم لأماكن يمكن أن تغمرهم فيها المياه، وأعلن عن لجنة استقصاء للحقائق في المرة الأولى، أحالت تقريرها بعد أشهر لولي الأمر طلباً لتوجيهه، ثم تولت هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء، كل منهما فيما يخصه التحقيق مع المشتبه فيهم، وكما جاء في خبر منقول عن وكالة الأنباء السعودية، واختيرت عباراته بعناية، أنه قد استكملت قضايا المتهمين وعددهم (302) من الأشخاص، وثلاثون جهة اعتبارية تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية، وصرح مسؤول لوزارة الداخلية بأن الجهات الأمنية المختصة باشرت إجراءات الاستدلال في المسؤولية عن الأضرار التي نتجت عن السيول التي تعرضت لها محافظة جدة في عام 1430ه وذلك في ضوء نتائج تقرير اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق، وأسفرت الإجراءات حتى صدور هذا الإيضاح بإحالة هؤلاء الأشخاص وتلك الشخصيات الاعتبارية إلى الجهات المختصة لمباشرة إجراءات التحقيق معهم، وتحديد المسؤولية الجنائية والإدارية ووفقاً لما ينتهي إليه التحقيق وفي ضوئه ترفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة لطلب الحكم بما أسند إليهم، وتقرير العقوبة بحق من تثبت إدانتهم، ووعد الإيضاح أن يتم الإعلان عن المستجدات في حينه، وتثور الأسئلة: إذا كان هؤلاء الأشخاص استكملت قضاياهم من جهة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وعلى ضوء هذا الاستكمال وجهت إليهم التهم، فهل جرى هذا دون التحقيق معهم، أم أن التحقيق معهم قد تم، فلماذا يعاد مرة أخرى، ولماذا استمر هذا الأمر كل هذه المدة التي زادت عن السنة والنصف، وكم سيستغرق التحقيق الجديد معهم ليحالوا إلى القضاء؟، وإذا تمت الإحالة إلى القضاء فكم سيستغرق النظر في القضية ليصدر الحكم؟، ومن تعرض للضرر إلى متى يظل ولم يحصل على حقه المشروع في أن يحكم بعدل على من تسبب في ما ناله من ضرر فادح بالعقوبة المناسبة والرادعة، ثم لماذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة نحو مشاريع فعلية نلمسها على الأرض تمنع تكرار هذا الحدث المأساوي مرة أخرى، خاصة وأن الكثيرين منا في هذه المدينة له ذكرى سيئة للغاية عبر الحدثين معاً الأول في عام 1430ه، والثاني في عام 1432ه والفترة بينهما ليست يسيرة ولم نلحظ أي تصرف جاد يدرأ عن جدة ما تتسبب فيه الأمطار والسيول، رغم كل هذه اللجان التي شكلت لاستقصاء الحقائق، أو لاقتراح المشروعات اللازمة لدرء المخاطر عن جدة مؤقتا، أو تلك التي تنظر في مشروعات كبرى لاستكمال البنية الأساسية، والتي سيعهد بها إلى شركات عالمية، وسكان جدة يتطلعون باستمرار إلى ما يطمئنهم أن ما حدث لن يتكرر، ودعوني أقول بصراحة إن تأخير الإنجاز لون إهمال يجب أن يحاسب من تسبب فيه، سواء أكان مكلفاً بالتخطيط لمشاريع جدة أو كان مكلفاً لتنفيذ المشاريع المقترحة، أو مكلفاً بتمويل تلك المشاريع، فلا يزال سكان جدة –سادتي- يتطلعون أن تحل مشاكل مدينتهم التي تضاعفت من إهمال للبيئة حتى بلغ مقدار التلوث فيها حداً مزعجاً، وشوارعها هرمت فلم يعد فيها شارع واحد سالم من الحفر والشقوق، ونعجب لشوارع يتوسطها حفر كبيرة تظل شهوراً لا تعالج بالطريقة المعهودة المعروفة «بالترقيع» وأن تحل مشكلتهم من ازدحام المرور في بعض شوارع جدة واختناقاته في بعض المواضع، ثم الأهم معالجة هذا الخطر الدائم حين هطول الأمطار وجريان السيول في الأودية، التي ظلت أمانيهم تراوح مكانها في أن يروا أخطاره تدرأ عنهم بمشاريع كبرى فعلية يرونها أمام أنظارهم تقام وهم يعلمون أن هناك جهوداً تبذل من قبل إمارة المنطقة من أجل هذا، وهم يشكرونها ولكن الجهات المناط بها إعداد المشاريع واعتمادها وتمويلها لا تزال تقصر في حق مدينتهم ولا تقوم بالجهد اللازم لإخراج مدينتهم من المأزق بسرعة، فهل هم فاعلون..؟! هو ما نرجو.. والله ولي التوفيق. عبدالله فراج الشريف ص. ب: 35485 – جدة 21488 فاكس: 6407043 [email protected]