تعجبني القناة الثقافية السعودية وتعجبني اكثر برامجها المحلية السعودية وتعتبر هذه القناة في نظري تطوراً إعلامياً مهماً ومضاعفة لقدراتنا الاعلامية يشكر عليها معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة فقد احدثت هذه القنوات الجديدة حراكاً ثقافيا مهماً واتمنى ان تبتعد قناتنا الثقافية عن عرض المواد الاجنبية المسجلة لكثرة تكررها بكل القنوات وان تعتمد كلياً على المواد المحلية التي يحبها المشاهد السعودي ويعشقها فتسجل جميع الانشطة الثقافية بكل المدن السعودية وتحاور السعوديين من ادباء ومثقفين وكتاب وصحفيين وتزور مناطق المملكة المختلفة وتعرفنا على معالمها وطبيعتها وجغرافيتها كما نرجوها ان تسجل وتذيع جميع الانشطة المسرحية والثقافية للمدارس والجامعات السعودية. هذا وليس لي من مأخذ على القناة الثقافية الا شاشتها الخلفية شديدة الحركة والتي ضاعفت استهلاكي من حبوب الباندول. ومن البرامج التي شاهدت بعض حلقاتها على القناة الثقافية برنامج اديب وسيرة وهو برنامج ممتع ومفيد يقوم بتعريف المشاهدين على ادبائنا السعوديين ويستعرض مسيرة حياتهم بصوتهم وصورتهم ويعرفنا على الامور التي نجهلها عنهم بل وقد عرفنا من هذا البرنامج مدى تقصير الصحافة السعودية والتلفزيون السعودي بحق ادبائنا ومثقفينا الحاليين الذين لايعرفهم احد حيث كان الضوء الاعلامي مسلطا على الدوام على قلة من الادباء المعاصرين وكثير من الادباء الراحلين وقد اعجبتني على سبيل المثال الحلقة المسجلة مع الاديب يحيى باجنيد واندهشت من كوني عرفت لاول مرة حقيقة هذا الاديب المثقف الذي لم اعرف عنه في السابق الا انه من كتاب التمثيليات الاذاعية بل كنت اتصور سابقاً انه انتقل مباشرة من الحارة الى الاذاعة فإذا بي اكتشف انه فنان سعودي كبير درس الفنون في ايطاليا لمدة خمس سنوات واتقن اللغة الايطالية كما انه يتكلم الانجليزية والعربية بطلاقه. وهو ايضا رسام للكاريكاتير ومؤلف لعدة كتب وسبق أن تولى رئاسة تحرير مجلة "اقرأ" لسنوات، وله مقالات صحفية تبحر في أعماق النفس الإنسانية، كما كتب حتى لصحيفة الجمهورية المصرية وقد اسفت لأن اديبا سعوديا من الوزن الثقيل مازال يعيش بيننا ولا نعرف عنه شيئا بينما لازلنا نكرر اسماء بعض الادباء الاحياء او نجتر بعض اسماء ادبائنا الراحلين ولمئآت المرات وكأن بلادنا السعودية لم تنجب غير هؤلاء الباقين وغير اولئك الراحلين والواقع انني شعرت بالفخر لوجود مثقفين سعوديين بهذا المستوى العالي من الثقافة المبنية على الدراسة في اعرق بلاد الفنون بأوروبا وللاسف لم اسمع احد يتحدث عن باجنيد أو يكرم باجنيد أو يدرس اعمال باجنيد ولعل ذلك يحدث بعد هذا المقال. ولا اشك ان كثيرا من النوادي الادبية تنوي الاحتفاء بباجنيد وتكريمه إلا أن الثقافة العربية كما علق أحد الأدباء ساخراً تعتبر الوفاة شرطاً من شروط التكريم ولهذا فمن الافضل لباجنيد ولغيره من الادباء الاحياء المنسيين ان يستمروا في غيابات النسيان ولعشرات السنين ماداموا متمتعين بحياتهم مع اسرهم وابنائهم بدلاً من الحصول على هذا التكريم العربي المشروط.