أعرب عدد من المثقفين عن تقديرهم الشديد لما تقوم به وزارة الثقافة والإعلام من مبادرات لتكريم أدبائنا ومثقفينا في العديد من المناسبات الثقافية التي تقام في مختلف مناطق المملكة، وقد جاء إعلان الوزارة أمس عن نيتها تكريم ثلاثة من مبدعينا الكبار خلال فترة إقامة معرض الرياض الدولي للكتاب في شهر ربيع المقبل، تأكيدًا على هذا النهج المميز الذي تقوم به الوزارة، تقديرًا لما قدمه هؤلاء المبدعون. وأشار المثقفون في تصريحات ل “المدينة” إلى أن الأسماء المكرّمة التي أعلنتها الوزارة، وهم الراحلون: محمد عبده يماني وغازي القصيبي وأحمد المبارك، هي أسماء جديرة بالتكريم والاحتفاء، ولكنهم رأوا أيضًا أن هناك أسماء أخرى أيضًا جديرة بالتكريم، خاصةً وأنها أسماء لأدباء لا زالوا على قيد الحياة. لا يفي بالغرض أكد الناقد عبدالفتاح أبو مدين أن التكريم الذي أعلن عنه القائمون على تنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب القادم تزامنًا مع البرنامج الثقافي للمعرض هو أمر يشكر عليه معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، ولكنه لا يفي بالغرض أبدًا، وجاء في غير وقته، وغير مجد، وهو تقليد شكلي اعتدنا عليه للأسف، إذْ لا فائدة لتكريم المفكر أو المبدع بعد موته ولن يؤخر أو يقدم هذا التكريم في حياة الراحل شيئًا. وأضاف أبو مدين: إن الأجمل في التكريم أن يتم للمفكرين والمثقفين والأدباء الأحياء، وكم سيفرح الإنسان حينما يجد في حياته من يقدّره ويحتفي به، بل يقرأ إبداعه ويهتم به حتى من الناحية النقدية لأن النقد الإيجابي هو الذي يقيّم العمل. ورأى أبو مدين أن الساحة الثقافية والأدبية مليئة بالعديد من الأسماء التي تستحق التكريم وتستحق الاحتفاء، بدلًا من تكريم الأموات الذي لن يكون له أي مردود إيجابي على هذا المكرّم، وينبغي أن تهتم وزارة الثقافة والإعلام بالأحياء وتعمل على تكريمهم بل تقدم لهم دعمًا ماديًا بالدرجة الأولى، فهم بحاجة إليه أكثر من أي شيء آخر، وذلك نظرًا لحالة المثقف المتردية، وفيما لو قورن مع أي لاعب كرة قدم لوجد أن هذا اللاعب يتقاضي في المرة الواحدة أكثر، مما تقاضاه هذا المثقف طوال مسيرته الأدبية والثقافية، وفي الدرجة الثانية التقدير المعنوي الذي يظهر من خلال الاحتفاء. أين الأسماء الشابة ؟ الدكتور محمد آل زلفة قال: ما أُعلن عنه من فعاليات في معرض الكتاب الدولي بالرياض المقبل هو جزء من مشكلة كبيرة، حيث يشير ما أُعلن عنه من فعاليات وتكريم إلى ما اقتصر في الحقيقة على من تعوّدنا على دعوتهم وتكريمهم في السنوات الماضية ولم نشاهد أي أسماء شابة ودماء جديدة يمكن أن تكون حاضرة من خلال هذه التظاهرة ومن خلال مشاركة المبدعين والشباب. وأضاف آل زلفة: ينبغي أن يُكرّم كل من نشر كتابًا جديدًا وساهم في دعم حركة النشر والتأليف في السعودية بأي فكر جديد، وألا يصيب هذه الفعالية مثل ما أصاب ملتقياتنا الثقافية الأخرى من تكرار وملل، منوهًا بأن مثل هذا العمل يقع على القائمين بالدرجة الأولى فهم الذين يحرصون على دعوة من يعرفون من زملائهم السابقين ومن ينتمون إلى توجهاتهم وأفكارهم دون غيرهم، وهنا مكمن الخطأ، حيث تم الاهتمام بالشخصية قبل الاهتمام بالفكر والثقافة وما الذي يقدمه هذا المثقف عن هذا الآخر، فلا بد أن نعطي الجيل الجديد حقه في الحضور وحقه في التواجد، وأن يُدعم بالحضور والمشاركة داخليًا وتتاح له الفرصة خارجيًا، وهذه المشكلة لم تقتصر على الداخل إنما امتدت إلى جميع أصقاع وطننا العربي وطالما أن هناك فئة هي المسيطرة على كل الفعاليات، فإن هذا ستكون له انعكاسات سلبية على استمرارية العطاء، ولا بد أن تحرص اللجان المنظمة على معرفة واطلاع بالجيل الجديد من الشباب، ولا ينبغي أن تُحصر المشاركات في أسماء معينة تكون أقرب إلى الشللية، وما ينبغي فعله هو مزج هذه الخبرات بالشباب الطامحين حتى يتحقق تلاقح الرؤى والأفكار وأن يكون الشباب حاضرًا في اللجان المنظمة داخليًا وخارجيًا، ولكي لا نعطي انطباعًا أننا محصورون في مثقفين ومبدعين معينين. وأكد الدكتور آل زلفة أن وطننا المترامي والذي يشهد نهضة علمية وثقافية في المجالات كافة، يحظى بالعديد من الأسماء المثقفة والمبدعة التي تستحق التكريم، ولكن لبُعدهم عن مناطق الأضواء والظهور الإعلامي وإبراز ذواتهم، فقد اختفوا وتواروا، وسُلطت الأضواء على أسماء معينة، وهذا هو الأمر المؤسف في الحقيقة.