كلنا يحب القراءة .. وكلنا يحب أن يقرأ الصحف والمجلات أو يتصفح الأخبار على الإنترنت .. أو يحب أن يأخذ زاوية في إحدى المكتبات أو المقاهي ويسرح مع فصول أحد الكتب المحببة إليه .. لكن إذا سألت بعض الشباب خاصة في هذا الزمان هل تحب وتهوى القراءة .. فإنه يسارع لك بإجابة معدة في ذاكرته ودون عناء لاستعادتها أو تجهيزها .. والله يا أخي ما عندي وقت .. ما في زمن .. أصله وقتي موزع ما بين دراستي وعملي وعلاقاتي الاجتماعية ..فلا يكاد الوقت واليوم الواحد يفي بها كلها لاسيما مع تباعد المسافات واتساع المدينة .. كل ذلك وكل تلك الأعذار تجد من يقبلها بل من يعيشها بالفعل .. لكن أود أن أسوق مشهداً من المشاهد التي شاهدتها وربما يكون قد شاهدها الكثيرون غيري لعلها تحث الأبناء على الإقبال على القراءة ففضلاً على ما فيها من مزايا لزيادة المعرفة والعلوم وسعة الأفق والإطلاع .. فإنها تأخذك إلى نزهة وراحة نفسية تعيشها لبعض الوقت بعيداً عن المشاغل الحياتية اليومية .. تستريح فيها مع الكتاب أو المقال فتجد نفسك تعود بعدها نشطاً وكأنك قد أديت تمريناً رياضياً محبباً إليك .. فالعافية في الصحة و العلم. وأعود بك عزيزي القارئ للمشاهدة .. فقد كنت أتابع نشرة الأخبار في إحدى القنوات الفضائية وكانت تنقل ازدحام وحشود المسافرين من مطار القاهرة الدولي خلال الأيام القليلة الماضية .. والكل يبحث عن مكان ليجلس فيه ريثما تتم إجراءات السفر والمغادرة وريثما يأتي موعد رحلته .. فترى العشرات واقفين وعشرات جالسين بينما كان هناك امرأة بينهم كبيرة في السن كانت قد اختارت مجلسها في تلك الظروف على حقائب سفرها ولم تنشغل بالناس حولها ولا بمن يأكل أو يشرب أو يصيح أو ....الخ ، بل أخرجت من حقيبة يدها كتيباً صغيراً ودست عينيها وعقلها بين طياته تبتسم وتتفاعل لما يقوله الكاتب في صفحات الكتيب ، ولا تنزعج بما يدور حولها طالما أنه سيأتي الوقت لسفرها فإذا بخير رفيق وخير جليس في الزمان - كما قيل - فقد كان هو الشاغل لها في تلك الحال .. فلقد كانت القراءة واستثمار وقتها هو ما يهمه لأن الوقت والعمر يمضيان مسرعان.. وإلا فما الذي حملها على ترك النظر للناس والانشغال بالقراءة؟. هذه صورة من صور عديدة ومختلفة نشاهدها من حولنا .. فلا ينشغل بعض الناس إلا بالناس .. بألوانهم وأجسامهم وملابسهم .. بينما بعضهم لا ينشغل إلا بنفسه وما يود أن يحققه أو يطمح لتحقيقه سواء لأهله أو لوطنه او لغيره من الناس .. ولا يهمه من يذهب ومن يأتي من حوله من الناس ..لكن يهمه وقته المحسوب عليه من عمره كيف سينقضي وكيف يشغله ويستثمره بما ينفع نفسه والناس أجمعين .. فهل نقبل على القراءة واستثمار أوقات فراغنا بما ينفع؟. [email protected]