الخطاط الدولي المتميز الأستاذ جلال أمين صالح الذي قدم من مملكة الأردن الشقيقة لمدينة الطائف قبل نحو (50) عاماً كمعلم لمادة التربية الفنية ثم مدرساً لمادة الخط بمدارس الطائف ولم يغادر أرضها حتى الآن إلا في بعض إجازاته القليلة بعد أن ارتبط بها بعلاقة مودة وعشق متصل, وإلى جانب براعته وشهرته ومساهماته في مجال الخط العربي والتأليف فيه بعدد من الكتب والمذكرات ووضعه لقواعد خط الرقعة المرسل وموازينه وإقامة العشرات من المعارض الدولية فهو أيضاً فنان قدير ورسام كلاسيكي متمكن و صاحب تجربة مميزة وفريدة في رسم الشخصيات المشهورة بالحروف العربية وأصبح مدرسة فنية في هذا المجال, وعندما التقيته آخر مرة في شهر ذي الحجة الماضي أطلعني على رؤية جديدة فتح الله عليه بها حول تفسير أية كريمة من كتاب الله العظيم من خلال تعمقه في دراسة الخط العربي وأحببت أن اطلع عليها القراء الكرام وخاصة شيوخنا الأفاضل المتخصصين في علوم القرآن وتفسيره ورؤيتهم حولها لتعم الفائدة الجميع . و تتمثل رؤية الأستاذ جلال حول تفسير الآية الكريمة ((ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)) فهي إضافة للتفسير الشائع لهذه الآية والمثبت في كتب التفسير تعد رؤية جديدة ومنطقية فهو يرى أن هذه الآية الكريمة تكررت في سورة القمر(4) مرات وكل أية منها تدل على مرحلة من مراحل تطوير وتسهيل قراءة القرآن الكريم من خلال الخط العربي المكتوب أثناء النزول حيث كتب آنذاك بالرسم الكوفي المصاحفي القديم الخالي من التشكيل والتنقيط , لذا اعتراه اللبس بوجود بعض الحروف المتشابهة وعدم وجود التشكيل ففي الآية الأولى تدل على مرحلة ابتكار التشكيل أو ما يسمى بعلامات الإعراب المتمثلة في الفتح والضم و الكسر والتشديد والتنوين ..الخ . أما الآية الثانية فهي تشير لمرحلة ابتكار النقاط أو ما يسمى بالاعجام لإزالة اللبس عن الحروف المتشابهات كالباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء ..الخ , والآية الثالثة تتناول مرحلة تغيير نوع الخط المتداول آنذاك من الكوفي إلى النسخ وذلك بمجيء الخطاط الملهم محمد ابن مقلة الوزير الذي ابتكر خط النسخ واسماه البديع وكتب به المصحف مرتين ووضع له القواعد والموازين فأصبح هو الخط الجميل السهل الذي ارتضاه الله لكتابه العظيم, والآية الرابعة ففي تكرارها الهام من الله للخطاطين بإدخال علم التجويد ضمن الخط الذي يكتب به القرآن المجيد كإلاظهار والإخفاء والإدغام والإقلاب وما إلى ذلك وهي مطبقة في المصاحف الموجودة بين أيدينا الآن وهي كلها تأتي لتيسير الله قراءة كتابه الكريم وترتيله كما أراد جل وعلا . إن تتبع أمر هذا التفسير وما فتح الله به على الكثيرين من فتوح العارفين يؤكد بلا ادنى شك أن كتاب الله المعجز سيظل معجزاً ومليئاً بالأسرار التي تدعو جميعها لتوحيد الله وإفراده بالعبادة وحده دون سواه .. وهذا علمي والسلام .