قديماً كان الناس يحتفلون بقدوم المطر ، فهذا القادم الكريم يغسل وجه الأرض ويحولها بقدرة الله إلى واحة خضراء تأنس لها نفس الناظر . كنا نستقبل حبات المطر بأناشيد حفظناها وخبأتها صدورنا في انتظار أن ترسل السماء أول قطرة تلامس رؤوسنا المكشوفة حتى من الشعر أحياناً . الآن لم نعد نشعر – عياذاً بالله – بتلك الفرحة لسبب بسيط هو أن الأرض قد شوهتها عيوب البشر الذين سال لعابهم أمام البريق الزائف فخانوا الله في أماناتهم . المطر يفضح العيوب ، يعري الأرض من كسوتها التي لا تستر . أليس من حقنا أن نضع أيدينا على قلوبنا عندما تتجمع السحب المحملة .. لنلهث بالدعاء ( اللهم حوالينا ولا علينا ... ) . لا أحد يظن أني أتحدث عن جدة التي وقفت على قدميها .. قلوبنا ترجف من أربعاء يعيد حرقتها في مكان آخر تعب من قشور نثروها على بدنه السقيم كي يبدو لنا باهياً وهو يئن وينزف . كفانا الله شر العيوب وفضحها !. لماذا يبدو التطور أسرع في أي مكان إلا في بلدي ، فالشوارع هي هي بمطباتها وتشققاتها وحفرها وتلك الأرصفة العشوائية والتشجير البدائي ؟ لماذا نشعر أن من في الجوار استطاعوا اختصار الزمن بينما نحن هجرنا الزمن لنبقى وحدنا عند أطلال الطفرة . بالأمس وأنا أشاهد الاحتفالات القطرية بمناسبة فوزهم بتنظيم بطولة كأس العالم 2022 والكاميرا تجوب الشوارع شعرت للوهلة الأولى أن المكان ليس دولة خليجية ولكني تنفست همي وقلت لنفسي : هذا التنظيم والجمال ليس صعبا ولكنه يحتاج لضمائر صادقة تغار على وطنها .. لقد بهرني كل شيء ولكني بُهرت أكثر بالإنسان القطري ومقدار الطموح الذي يحمله . حقيقة ليس المال من يصنع المنجزات ويحقق المعجزات .. العقول المستنيرة والضمائر الحية هي من يستطيع البناء ومن ثم يأتي المال كمذلل للعقبات فهل هذا ما يحدث في بلدي ؟ حلوة يا بلدي .. [email protected]