قد بلغت المائة عام أو أكثر من مائة عام.. حين نرجع الى ايام مضت أو تطل الذاكرة على حياة عاشتها في الدار الكبيرة أو "البيت الكبير" كما كان يُطلق عليه بينبع، ثم تمر الذاكرة ايضاً مروراً خاطفاً أو تطل على حياة قبعت بين جدار تحيط بها على رقعة صغيرة بجوار دار كان السكن الذي به تقيم بالرياض.. ثم تلقي نظرة على هذه السيدة الجليلة فلا نجد أبداً تفاوتاً او فروقاً كثيرة أو قليلة ذات بال. ذلك يحرك في القلب أشجاناً ويدع العقل يتوه بين أحزان مريرة وآلام.. البسمة على ملامحها تكسو الوجه البشوش، وكرم النفس المعهود يكاد يعم كل جزء بالدار الصغير، والقادمون إليها من الأبناء يدرسون بجامعة الرياض لا تكاد خطواتهم تمتد إلى حيث يجلسون إلا بمشقة خشية التعثر بالمجلس الوحيد.. يا أم عماد النفس الكبيرة العفيفة ستظل طوال حياتها تحتفظ بإبائها وتعففها وكرامتها لا يقوى الضيم النيل من طباع وأصالة.. كان القاطنون من أهلك وعشيرتك يتوسلون إليك أن تحلي بدار من دورهم أو سكن به كانوا يقيمون. عزة النفس نشأت عليها وخدم كانوا بين يديك، ووالد كبير كان يدللك وبحب يرعاك، وأم حنون كانت تغدق عليك الحنان كله وكل من في البيت الكبير كنت فيه السيدة الأولى حتى أهل البلاد كانوا يلقبونك "باليازبيت" وأنت أفضل بالإسلام من اليازبيت يا أم عماد بتقواك بصبرك النادر في بلدك أو في الغربة لم تقو صروف الحياة على قهر إيمان يملأ القلب الكبير أو يمس عفة النفس لذلك كنت تظهرين في شموخ لا تعبأ أبداً بتقلبات الزمن أو عبث الأيام.رحمك الله وانزل عليك فيضاً من رضاه وكتب لعماد السعادة وألهمه الصبر وكل اخوانك واهلك ومحبيك العزاء الجميل و"إنا لله وإنا إليه راجعونه".