إن نبلاء اللرجال وعظماءهم، الذين عملوا لأوطانهم بجد وإخلاص، طول سنى حياتهم، وأبدعوا في مجالات عدة، حتى اصبحوا للوطن رموزاً لا تغيب، هؤلاء لايغيب منهم الموتُ سوى الاجساد، أما هم فحاضرون دوماً في وجدان شعبهم، مادام على أرض الوطن أحياء، ومن هؤلاء النبلاء العظماء شاعرنا الوزير الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي - رحمه الله واسكنه فسيح جناته - الأديب المفكر والسياسي المتعدد المواهب، الذي كان أثناء مسيرته الوطنية يملأ فضاء الوطن حراكاً، إن في الأدب فهو الشاعر الرقيق الذي ما أن تقرأ شيئاً من شعره إلا وحلقت معه في اجواء إنسانية ترق لها القلوب، وتملأ الفضاء فرحاً وزهواً، وهو الأديب الناثر الذي إن كتب المقالة اتقنها في فن الأدب أو السياسية أو الاجتماع، وهو القاص والراوي الغزير الإنتاج، وهو خير من يكتب الخاطرة الملأى عذوبة وسحراً، وهو العالم بفن الإدارة، الذي يدعم علمه بها إلمامه بالقوانين والأنظمة، وهو خريج كلية الحقوق في الأساس، وحينما كتب عن تجربته في الإدارة تفوق على الأقران، ومنذ أن التحق بالجهاز الحكومي في البدء بوزارة المالية ومروراً بمؤسسة الخطوط الحديدية، وحينما عمل بالجامعة استاذاً فمعيداً، وحتى أصبح وزيراً ترك في كل وزارة تولاها أثراً لايمحى، كان في كل هذا مثال الاخلاص وبراعة الاتقان ،أسس وزارة الصناعة والكهرباء فانتشرت الكهرباء في شتى أرجاء الوطن في فترة وجيزة، ووضعت أسس للصناعة الوطنية بها نهضت، وتولى وزارة الصحة فكانت لأول مرة ترضي مستشفياتها روادها من المرضى، رحم الله أبا يارا فقد كان على عظيم شهرته دمث الأخلاق متواضعاً، لاتلقاه إلا وهو مبتسم، واجه في حياته أقسى أنواع الجحود، ممن يكرهون النجاح وأهله، فقارعهم بالحجة والبرهان، ولم يحيد عن لفظ جميل عفّ لسانه وقلمه عن أن يكون مايكتبه مماثلاً لما ينسجون من أوهام في اسوأ أسلوب واحط لفظ، رحم الله فقيد الوطن الذي غادر جسده دنيانا بعد أن سكن منا القلوب، وستبقى آثاره تذكرنا به، مما سيسجل له حضور دائم بيننا وبين أجيالنا القادمة، عزاؤنا للوطن كله لفقد هذا النبيل ، وعزاؤنا لأسرته زوجته وأولاده وأقاربه، سائلين الله لهم أن يلهمهم الصبر وأن يثيبهم عليه، وطودهم لايزال حياً وإن رحل الجسد. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043