عجبت من الخبر المنشور في جريدة عكاظ ليوم الأحد الموافق 11 جمادي الأولى لعام 1431ه وفي الصفحة الأولى وبالبنط العريض .. (عكاظ تواصل تتبع الموقعين بحرف الدال دون استحقاق. مدير عام تعليم البنات بين الحالات. ستة قياديين في تعليم المدينة بدكتوراه غير معترف بها). إلى هنا قد أعتبره نوع من التحايل على أنظمة وقوانين الخدمة المدنية، وهي بالطبع حاجة من الإغراء والإطراء، والأغرب في نظري رد وزارة التربية والتعليم بأن هناك تعاميم صادرة من الوزارة تمنع وضع حرف الدال أمام الأسماء سواء المديرين والقيادات الأخرى. لا أعرف ماذا ينفع المدير أو غيره من حمل وثيقة تعليمية غير معترف بها. هل هي لرغبة في نفس يعقوب؟ أم لحاجة نفسية يجني صاحبها من خلالها التقدير والاحترام الاجتماعي؟ إن حمل وثيقة علمية عالية يتطلب من حاملها أن يكون نموذجاً في الصدق والأمانة والنزاهة والبحث والدراسة، كما يطالبه المجتمع بمزيد من البحوث والدراسات المستفيضة وليس للحصول على مكافئة أو لزيادة مرتبة أو علاوة حقيقة تقاس أعمال الرجال بكفاءتها وصدقها ونزاهتها وبرِّها بوطنها. متى نثق في أنفسنا؟ وفي أعمالنا.. ويرتفع مستوى وعينا. بأن الإنتاج هو كل شيء في الإدارة. إن أعمار الأمم تقاس بإنتاجها ومفاهيمها ووعيها لا بالوثائق المحررة مسبقاً والمعدة سلفاً لمن يحملها من أصحاب الحاجات النفسية الخاصة. لابد أن نعي أننا نعيش في مجتمع كثرُ فيه عدد المتعلمين وأصحاب الكفاءات العلمية والمؤهلات العالية وأصبح للأكاديمي دوره ومكانته فلا حاجة لنا للتحايل بحمل المؤهلات الصورية. ودعونا من الشخصنة والغرور ورسم ملامح القيادي المحنك، حتى نكون في ميدان العطاء بدون تحايل أو تمثيل. أسئلة كثيرة تراودني وأنا أمسك بالقلم للكتابة عن هذا الموضوع، تذكرت أياماً خلت في مدارس الفلاح بمكة المكرمة قبل 46 عاماً مضت، وكيف أن المدير العام كان قدوة بالفعل واليقين، علماً بأنه لم يتخرّج من جامعة أو كلية مسلكية تربوية لكنه كان ممن يجيد أدواراً متعددة في التدريس وتوصيل المعلومة، وفي الإدارة صاحب ثقافة عالية ومهنة مغرية ألا وهي التدريس في حلقات المسجد الحرام. تعلمنا منهم التربية قبل التعليم الصدق والأمانة والثقة بالنفس والنزاهة والاعتداد بالذات من خلال الصفات المذكورة وليس بالنسب أو الجاه أو الأصل كما هو حاصل في زماننا. كان مدير عام التعليم بالمنطقة يمثل لنا الصفات المرموقة وكنّا نعتقد أنه أختير للتعليم لأنه يمثل الصفوة الصادقة والصافية، لم تكن تغريهم الرواتب أو الترقيات أو الحصول على علاوة سنوية، فالتعليم لا يقبل قولين ولا رغبتين ولا ضميرين .. متصل ومنفصل.. التعليم يمثل الصفوة والإخلاص في القول والعمل وحتى في حسن النوايا وصدق العمل. فكل من يُختار لمهنة التعليم فيعني ذلك أنه يرجح الثواب من عند الله على الأجرة،وكثيرون منهم رحمهم الله ، عاشوا فقراء ورحلوا عنا إلى الدار الآخرة وزادهم دعائنا وأجرهم تعليمنا وتأديبنا، كانت رواتبهم لا تسمن ولا تغني .. حقيقة لقد تفرغوا لرسالة التعليم والاستزادة من أمهات الكتب. إن معلم الأمس إذا غُمَّ عليه شيء قال لا أدري! لأن كلمة لا أدري كانت تساوي نصف العلم عند هؤلاء المعلمون البررة. أما اليوم فقد اختلفت الموازين وانحرفت القيم وساءت المفاهيم وأصبح المعلم والمتعلم وجهان لعملة واحدة. حتى أصبحت كلمة مهنة التعليم ثقيلة على قائلها من أصحاب المهنة أو المنتسبون إليها، وكنت أود أن لا تنشر مثل هذه الاتهامات ولا يلصق بمديري عام التعليم هذه التهم لأنها تجرح ما قبلها وتسيء لمن بعدها،ولا مانع أن يكتب حرف الدال أمام الإسم إذا كان المسؤول قد حصل عليه من خلال جهده ويحمل في صدره تاج العلم والمعرفة، ومن يتصدى للتعليم يحتاج للممارسة الفعلية لا الممارسة عن بعد، لأن التعليم ليس كأي مهنة أو صنعة فهو يحتاج إلى حكمة وتدبر وخبرة تتم عن طريق الممارسة.