الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ورسل الله وأنبيائه أجمعين. أيها الإخوة الأحبة السلام عليكم ورحمة الله. جامعاتنا وأنديتنا موائد خير بسطها الرحمن لمواطنينا لأن لها جنسا وثقافة وحدودا وتاريخا!.. إنها ليست ومضة.. ولا اشعاعة.. إنها ليست انطلاقا من العدم إلى العدم.. بل إنها حرية.. وتنفس.. وتمدد.. وفعالية.. ومن هنا نفهم إطلالاتها على حياتنا المجيدة في مملكتنا الإسلامية الزاهرة.. فهي تحمل مصابيح الإيمان الحق.. للإنسان هنا.. وفي العالم.. لتريه الحياة الإسلامية المثلى.. بوضوح وجلاء.. وتمنحه كل معاني السمو وإمكانيات التفتح.. هكذا علمنا تاريخها الزاهي.. في سنواتها المعدودة المديدة إن شاء الله.. وتلك هي توجيهات وقيادة أولي الأمر صانهم الله.. التي رسمت.. حاضرنا ومستقبلنا.. بالشكل الذي يرضي الله عز وجل.. ثم رسوله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعليهم أجمعين.. وما هذه اللقاءات والحوارات الفكرية والمؤتمرات والمهرجانات الدورية.. التي تنظمها أنديتنا وجامعاتنا.. بين الحين والآخر.. غير معلمة.. تشير بدلالة إلى ما يروق ويحلو.. من معاني الأصالة في تركيز الدعامات والأسس.. لدور أنديتنا وجامعاتنا السعودية.. في بناء المجتمع الإسلامي المثالي.. ومن الطبيعي أن يشهد رواد هذه اللقاءات.. ألوانا من معالم وضوح مثالية الإسلام.. التي تميزت بها بلادنا.. لحصيلة محسوسة لها، طبعها الله عليها.. بما اختصها به.. كمستودع للحضارة الإسلامية، مصدر إشراقة لها.. منذ ديانة التوحيد.. التي بشر بها سيدنا ابراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم.. من هذه الديار وما أعقبته من رسالات السماء الى نهاية العقد بخاتمتها.. رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. رسالة العقيدة المثالية الحية.. في منهاجها.. وتفكيرها.. وبيئتها المتفوقة.. المحافظة على روح الأصالة والسمو.. في طاقاتها المبدعة!. وبهذه المناسبة أجد أنه من واجبي كإنسان.. حمل القلم.. وجند روحه.. وغرف من قلبه دماً.. ليعطيه للناس.. في انطلاقات فكرية.. مفازتها القرآن الحكيم.. وهدايتها سنة رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم.. ولباناتها.. تحرر الوجدان الإسلامي في بيئة إسلامية مُثلى والحمد لله.. أجد أنه من واجبي.. إزجاء الشكر لنادي جازان الأدبي وفي المقدمة رئيسه أخي الشاعر الكبير محمد علي السنوسي ومجلس إدارته ولقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز.. يمثلها عميدها أخي الأديب الكبير الدكتور عبدالله الغزامي.. هذا النادي العتيد.. وهذه الجامعة المجيدة.. بما دأبا عليه من عقد سلسلة اللقاءات التي تطرح فيها المحاضرات.. لبحث مشكلات وقضايا تتصل بكل الأنشطة الإسلامية في بناء المجتمع الإسلامي المثالي.. وفي كل ما يتفرع عنه من وجوه التأمل كبند أساسي وكركيزة صلبة.. لانطلاقة امتنا المجيدة.. في تحسس واقعها الحياتي مع المجموعة البشرية في الأرض.. انموذجا حيا يحتذى ونبراسا يشع نورا وهُدى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا «فيطلق عليها بالتزامها إياه في مسيرتها قول الله العلي العظيم عز وجل «كنتم خير أمة أخرجت للناس». وموضوعنا اليوم هو دور الإعلام الإسلامي.. في بناء الإنسان المثالي.. وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى تسمية أجهزة الدعاية والأنباء وكذلك الإرشاد القومي باسم «وزراة الإعلام» أنها لم تكن واردة بهذا المسمى في أية دولة عربية.. إلا بعد انتفاضة 28 ايلول 1961م السورية العربية بعد انفكاك الوحدة بين سورية ومصر.. وعندما تولى الرئاسة الانتقالية لدولة الجمهورية العربية السورية.. دولة الدكتور مأمون الكزبري.. أستاذ الأجيال!.. إذ أسندت وزارة الدولة للدعاية والأنباء والإذاعة والتليفزيون إلى معالي الدكتور مصطفى البارودي.. المفكر الكبير وأستاذ القانون الدولي.. كما كانت تلك تسميتها قبل الوحدة وألغي مسماها باسم وزارة الإرشاد القومي.. الذي كانت عليه إبان فترة الوحدة.. إذ قلت لأستاذي الدكتور الكزيري مقترحاً: أنتم مقدمون على عهد دستوري نيابي ديمقراطي.. فَلِمَ؟ لا تطلقوا على هذه الوزارة اسم: «وزارة الإعلام..» فالإعلام لا يعني الدعاية ولا الإرشاد وإنما هو جهاز يطرح المعلومة.. والمتلقي لها يتقبلها.. وهو الذي يميزها.. فاستجاب لفكرتي وأصدر وقتها مرسوماً اشتراعياً.. بتسميتها «وزارة الإعلام» فكانت الجمهورية العربية السورية أول دولة عربية تحمل فيها هذه الوزارة مسمى «وزارة الإعلام» ثم تبعتها الدول العربية الأخرى!!!.. ووسائل الإعلام كما تدركون أسلوب عصري.. له صلة مباشرة بالإنسان منذ نشوئه فهو الذي يهيء الأذهان والقلوب.. للدعوة الى الله ومعرفته عز وجل.. والإيمان بتعاليمه.. والعمل بها.. ليكتمل بها المجتمع المثالي بتضامنه ووحدته كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. ولتصير الأمة أمة تدعو إلى الخير كما قال الله عز وجل «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر».. وقوله عز وجل لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي». وهناك اصطلاح خطير لعب دوراً هاماً في تاريخ الشعوب الناهضة هذا الاصطلاح هو كلمة «التعصب» كانت هذه الكلمة أو التهمة يرمي بها كل من دعا إلى الإسلام وألح وأهاب بالجماهير أن تتمسك به وتتمثل به تمثلاً دقيقاً. والحقيقة أن أي مبدأ من المبادئ أو أية فكرة من الأفكار الإصلاحية والفلسلفية والاجتماعية لم تقف على قدميها ولم تنهض من جمودها وعدم فاعليتها.. إلا على أيدي حفنة من الرجال الأوفياء الأذكياء العادلين.. الذين تعصبوا لها.. تعصبوا لها عن دراسة وفهم وإيمان.. فمن خلال دراستهم استطاعوا ان يبحثوا ما هم بصدده من قضايا ويلمسوا بكل أطرافها.. وأدت بهم الدراسة إلى الالتزام بها.. وإذا ما نظرنا إلى التاريخ نظرة واعية منصفة.. لوجدنا أن كل فلسفة من الفلسفات أو دعوة من الدعوات.. سواء أكانت عادلة أو جائرة لم تنهض إلا على أكتاف رجال يتعصبون لها ويؤمنون بها أعمق الإيمان.. فمن يا ترى؟؟ قام بدعوة موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام؟؟؟.. تلك الرسالات والقيم والخيرة النيرة التي صاغها الله للإنسان وأبدعها؟.. ومن نشر مبادئ نيتشة وجان جاك روسو وماركس وغيرهم؟؟؟.. تلك المبادئ الجائرة المبنية على أساس هش.. والتي صممها بشر خطاؤون.. وإنها لأوهى بناءً من خيوط العناكب؟.. والتي تأكد فشلها الذريع؟!!.. نحن لا ننكر أن هناك «طفيليات» بشرية نهازة تتسلل إلى صفوف الدعوات والفلسفات بغياب الكسب والأمجاد الشخصية أو الدوافع الخبيثة.. هذا اللون القاتم من البشر.. هو الذي يحاول دائماً أن يضع العصابات السوداء على العيون المفتوحة.. ويبين لها سبل الشر والهلاك.. ويغذيها بالجحود والجمود والغلو في التنظير الجاهلي والانحراف عن الجادة.. هؤلاء اعترفوا أو أنكروا هم أعداء البشرية الحقيقيون وليس أعداؤها أولئك الذين يبذلون طاقاتهم وأعمارهم.. في البحث عن الحقيقة المجردة.. ويؤمنون بها.. ويتعصبون لها.. ولا يعقل أن يوصم المسلم الحق.. بالتعصب الأعمى.. وتجربته التاريخية ونصوصه الدينية.. تنفر من الظلم والعصبيات الحمقاء.. وتصرح دائماً بأنه لا فضل على أعجمي إلا بالتقوى.. وأن عصبيات الجنس واللون والمكان.. سذاجة وجهالة.. ألم يكن؟ الفتى المسلم يقف في جيش المسلمين؟ وأبوه في جيش الكافرين؟.. كل يدافع عن رأيه أو يدافع عن عقيدته؟ لم يمنعه عن ذلك قرابة أو جوار؟ ومن هنا كان من البديهي أننا عندما نبني المجتمع الإسلامي المثالي.. فلا بد.. أن نحرص دائماً.. على نشر هذا الدين.. وبسط ما يحققه من حق وعدل وسلام بين البشر.. بتعصب نظيف عادل.. فلا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي وتلك هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسولنا العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ فالتعصب كما أراه ينشطر إلى شطرين شطر يحث على الإيمان والالتزام بالمبادئ والعمل بها. وشطر ثان يتحرك ويعمل دون تدبر وتأمل وتفكير. والشطر الثاني هو ما لا نبتغيه. والآن من أين نبدأ.. نبدأ من معرفة حاجتنا إلى التوعية الإسلامية لبناء مجتمع مثالي.. تتكون فيه دخائل كل فرد فيه مقومات إلى تكوين رأي عام اسلامي عن طريق وسائل الإعلام. ووسائل الإعلام ليست محصورة فيما هو متعارف عليه اليوم بين الأمم ولعله من المناسب أن نعود إلى الحقائق والنظريات العلمية المقررة في مناهج الإعلام بالجامعات والأكاديميات التي تأتي في مقدمتها تلخيص العناصر للعملية الإعلامية كأنموذج من أشهر النماذج العلمية العالمية التي اكتسبها مكتشفاً لها هو البروفسور «هارولد لازويل» وهي معروفة باسمه والذي حددها بعبارة:من؟ أي المرسل. يقول ماذا؟ أي الرسالة أي وكيف؟.. أي الوسيلة إلى من؟ أي المرسل إليه؟ وبأي تأثير؟ أي رجع الصدى!!!.. ولعله من حسن الطالع أن اكتشف ان القرآن الحكيم قبل تلك النظرية وتحديد مفاهيمها ومنذ خمسة عشر قرناً قد أبدع هذه النظرية العلمية وحدد مفاهيمها في قوله عز وجل «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط». صدق الله العظيم.. وفي آيات كريمة أخرى بينة في القرآن الكريم.ز بل إن القرآن الحكيم كله وسيلة إعلامية.. وآية مشرقة ناصعة.. لتكون منهاجاً صاغه الله الخالق لإسعاد خلقه. وذلك هو المعنى الكبير وتلك هي الحقيقة الجلية الناصعة التي يجب أن تستقر في أذهاننا نحن المسلمين والتي تنزلت علينا من لدن الخبير العليم. إن وسائل الاعلام تشد الإنسان إلى الأمل وإلى العمل وتقتل اليأس فيه وتقضي على القلق وتزرع في قلبه بذور الخير. والإنسان الكامل بذاته.. وسيلة إعلامية.. ولا يكتمل الإنسان.. إلا عندما يقر الإيمان في قلبه.. ومن ثم يصدق به في عمله.. وتحضرني بالمناسبة حيثيات واقعة تؤكد أن الإنسان وسيلة إعلامية.. فمنذ قرنين أو ثلاثة كان بعض التجار من نجد والحجاز والشام واليمن.. يسافرون فرادى وجماعات إلى اندونيسيا وبعض دول جنوب آسيا لجلب البضائع للحجاج في موسم الحج.. وكان كل من هؤلاء التجار.. يصدق إيمانه عمله كإنسان مثالي.. وكانوا عنواناً صادقاً للمسلم المؤمن.. والدين والمعاملة .. كما يقول الأثر الشريف .. فأسلم الكثيرون على أيديهم.. والإنسان يولد على الفطرة بين أبويه فمنكم من يسلمانه.. ومنكم من ينصرانه.. ومنكم من يهودانه.. ومتى أمكن إخضاع .. وسائل الاعلام الأخرى كالتلفيزيون والفيديوتيب والكمبيوتر ووسائل التقنية الحديثة في الاتصال والسينما والصحف والكتب والإذاعات متى أمكن اخضاعها واستجابتها لما يحييها كما جاء في القرآن الحكيم» يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم» متى تم ذلك فهذا يعني أن بذور الإيمان قد زرعت في الإنسان ليغدو إنساناً مثالياً وهذا ما يدفعني إلى إلقاء نظرات خاطفة سريعة عن واقع كل وسيلة من وسائل الإعلام ودورها وأهدافها وكيف يستفاد منها إسلامياً لبناء الإنسان المثالي. (غداً نتواصل بإذن الله).