** هذا الالتفات التركي إلى العرب المتمثل في هذه القصة الدرامية التي تحدثت عنها أمس وهو مسلسل "صرخة حجر" ماذا يعني؟ ليأتي اليوم الرئيس التركي في افتتاح القناة التركية العربية ليؤكد من جديد على تلك العلاقة الأزلية التي كانت تربط الأتراك بالعرب أو العرب بالأتراك ولعل ما لدينا من الكلمات التركية الكثير التي لا زلنا حتى وقت قريب نتداولها في المدينةالمنورة مثل "الكركون" أي مركز الشرطة "الاستصيون" أي محطة القطار، وهناك في الأعراس "الشرعة التركي" وهي الملابس التي ترتديها العروس ليلة زفافها.. ان هناك تداخلات عديدة بين عادات أهل المدينةالمنورة بالخصوص والعادات التركية حيث تداخلت كثير من الاشياء حتى في تأثيث المنازل يكاد يكون هناك تطابق في استخدامات "البيت" حتى الزي النسائي، كما هو معلوم كانت السيدات يلبسن "الجامة" وهي قطعتان من الثياب مع غطاء للوجه، بل هناك بعض المفردات اللفظية مثل "أدب سيس" وهو ما يطلق على الطفل الذي يقوم ببعض المخالفات الخفيفة. إن إيجاد "قناة تركية" تعطي تلك العلاقات عودة جديدة لها.. إنه عودة سفر برلك من جديد ولكنه في الطريق المخالف فإذا كان ما قام به "فخري باشا" من تسفير لأهالي المدينةالمنورة بحشرهم في ذلك القطار والذهاب بهم إلى الشام وتركيا فإن رجب اردوغان أعاد "القطار" هذه المرة بشكل جميل وفيه الكثير من الإيحاء، إنه قطار الثقافة والفكر والارتباط من جديد بين ثقافتين عاشتا طويلاً على هذه الأرض الإسلامية العتيقة، إنه الزمن التركي الذي يعود حاملاً معه ذلك الزخم التركي القديم بكل تلاحمه وحميميته، ذلك الزمن بكل عناصره من القسوة واللين والبعد والاقتراب، يعود هذه المرة بالتلاحم الأخلاقي ليس إلاَّ.