هذا كان في الماضي القديم لقد عاد مطيع من باريس جملاً يخبط خبط عشواء وفي مدينة تتدثر بالحب والشذا والمواعيد لا يدخل في نفسه سوى الحجر الثقيل المتدحرج ولكن مطيع قصيدة عذرية تشيأت من دم الشمس وصهيل الجياد وخديجة تقف بثقة كرمح مدججة بالأسئلة الحادة عن ولدها الذي سرقته الأيام إلى مدن الثلج وعما قليل تطمئن وتتفرغ تمسك باريس من شعرها الأشقر وقميصها وتحوس بها الأرض وأخيراً تسأل: - كيف باريس؟ - باريس أفعى جميلة؟ في اليوم الأول رأى الحياة والحسان والحرية المنفلتة وأعراس باريس الملونة والطيور في الهواء الطلق وانذهل ورأى الدمعة في عين بدوي متورط بالسفر مع حقيبة وتمنى لو يبيع العمر الباقي كله بسنة واحدة من الدهشة والجنون ليته يستطيع إنقاذ صاحبه وابن جلدته من هذا الانغماس الذي وجد نفسه فيه . وفي اليوم الثاني انتزعوه من مقعده في الحافلة وألقوه على لزوجة الرصيف صادروا شهامته حين وقف لتجلس انثى حامل ترتعش من الألم.قالوا له إن المرأة هنا ربحت المعركة مؤقتا وتصر على انها رجل لماذا تحبل إذا كانت لا تستطيع الوقوف كالرجال. وجاء اليوم الثالث فإذا بولده يغسل الصحون ويحدثه عن الفندق ويحدثه عن الناس ويسأل مطيع: أهذه زوجة أم صديقة ؟. ويرد الولد: يا أبتي لا توجع قلبك زوجة أم صديقة لا فرق عندهم ليذهبوا إلى الجحيم هذه باريس ألم تسمع بأفعى جميلة اسمها باريس وشيطان رجيم اسمه الغرب؟ ..شعر بالدوار . بينما كانت خديجة تتحفز للسؤال عن ولدها بالأمس واليوم تسأل عن أبيه الذي دعوه لزيارة هذه البقعة المتمردة فشعر المسكين بالدوار واختل توازنه وسقط.