العنف الأسري والحوادث الناتجة عنه ناقوس خطر يدق وراء كل باب سواء كان هذا العنف موجه للمرأة أو الطفل، فهناك بعض الحالات التي يوجه فيها الرجل العنف لزوجته أو يستخدم الوالدان العنف تجاه أبنائهم، مما يتسبب في انتشار سلوكيات اجتماعية خطيرة بدأت تتسلل إلى مجتمعاتنا العربية. وأشار التقرير السابع للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن نسبة 20% من القضايا الواردة للجمعية في عام 1431 ه كانت نتيجة للعنف الأسري في أعلى تسجيل لها منذ بداية إنشاء الجمعية في عام 1425، و كان العنف البدني والجنسي هو الأكثر شيوعا في البلاغات، وكان الزوج هو المسئول عن العنف، ويليه الأب في معظم بلاغات وقضايا الأحوال الشخصية، ويليه الطليق كما كانت النفقة والحرمان من رؤية الأولاد هي أعلى المشكلات ظهورا في بلاغات الأحوال الشخصية، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى تزايد العنف بين أفراد الأسرة في المملكة العربية السعودية وخاصة انتشار ظاهرة العنف ضد الزوجات، وفي دراسة في الإحساء عام 2011 على 2000 سيدة سعودية متزوجة أو سبق لها الزواج في أعمار بين 15 - 60 سنة، وأوضحت الدراسة أن انتشار العنف الجسدي كان 18% والنفسي (35.9%) والجنسي 6.9%، ونسبة 7% من النساء تم تعرضهن للضرب على البطن و11% تعرضن للضرب عموما أثناء الحمل، كما أوضحت الدراسة وجود ارتباط بين التعرض للعنف المستمر من الشريك والضعف الصحي العام لدى الزوجة والإجهاض والأمراض النسائية وتعاطي المهدئات، ومن الجدير بالذكر أنه في السعودية ومع غياب المسح الإحصائي لمدى انتشار ظاهرة العنف ضد الزوجات، تصبح الدراسات البحثية المتخصصة هامة، وبالفعل أجريت 3 دراسات بحثية تناولت موضوع العنف ضد الزوجات في السعودية من جانب صحي. وباستطلاع الآراء أشار عدد من النساء السعوديات إلى أن حرص الزوجة على أسرتها هو السبب في تحملها لعنف الرجل وإيذائه لها، في الوقت الذي تحرم فيه الأنثى في المملكة من حقوق كثيرة بدءا من تفضيل الأخ الذكر عليها، إلى إجبارها على الزواج من الشخص الذي وفي إحصائية أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية مؤخرا كانت الرياض هي الأعلى في حالات العنف الأسري الواردة لمراكز التبليغ في الوزارة بمعدل (425) تليها مكة (159) وبعدها عسير (101). كذلك جاء العنف الموجه للأطفال وما يتعرضون له من حوادث بشعة في مرتبة متقدمة في حالات العنف الأسري. ولكن حالات العنف الأسري لم تتوقف على العنف الموجه للمرأة والطفل؛ بل تخطت ذلك إلى العنف الموجه إلى الرجل، والذي تعددت أسبابه من دفاع عن النفس إلى عنف مضاد ومحاولة للانتقام. وهو ما اتفقت معه دراسة حديثة بعنوان "عنف الزوجة ضد الزوج"، والتي أجراها الاستشاري النفسي الدكتور سعيد سالمين بجامعة الكويت، حيث أشارت إلى أن 5% من الزوجات السعوديات يمارسن العنف ضد شريك حياتهن، والذي رآه البعض بأنه عنف مبرر؛ لأن الرجل هو الذي يدفع المرأة للعنف، بسبب العنف الذي يمارسه ضد زوجته من ضرب وإهانة وتوجيه أفظع الشتائم لها، مشيرين إلى أن المرأة التي تعنف زوجها هي الضحية التي عانت من العنف لسنوات جرّاء مواقف تراكمية؛ فالإساءة البدنية واللفظية والنفسية والشعور بالقهر والظلم للمرأة يدفعها لعنف مضاد، وهو ما يؤدي إلى خلخلة البناء الأسري.