الحب نعمة الله الجميلة على العباد بعد الإيمان والصحة، ولعلها أقرب النعم إلينا وأبعدها عنا في الوقت نفسه، فالحب شعور إنساني نبيل ينزع ما بداخل النفس من حقد وكراهية، وضرورة من ضروريات الحياة، وبسمة صادقة ترتسم على الشفاه، وبدونه لا يمكن أن تستمر حياة الإنسان، فهو سلسلة مترابطة من الحلقات المتصلة مع بعضها البعض يكون مُجْمَلها في حالة الاتصال المتوافق نغمة جميلة يعيش على رناتها المرء متلذذاً بالسعادة والهنا في دنيا الزوال، فالحب هو جالب السعادة والمتعة للفؤاد، وشمس الحياة الثانية، فكلما أشرق أضفى على الإنسانية معاني الفضيلة، الحب عاطفة جميلة تطرز حياة الناس بالبهاء والجمال، ومن أجمل ما نحس به في عالمنا المليء بالمتغيرات المتسارعة لا سيما في عصرنا الحاضر، فبه يُدار الإنسان ويبدع، وبه تُعَمر البيوت، وتسْعَد القلوب، وتقوى العلاقات، وتشتد الأواصر وتزداد متانة وقوة، به تعمر الأوطان، وتتقدم المجتمعات، وتظهر التضحيات، وتصنع الخوارق، وتركب صهوة الخطوب والمصاعب، فهو شعور يتولد في النفس عفويّاً ولا نملك إملاءه على ذواتنا، أو امتلاكه بأمر من عقولنا، أو شراءه بأموالنا، إنه أسمى العواطف البشرية، وأقوى من تقلبات الزمن وظلم الأيام، إنه جنة الدنيا وفردوس الحياة، فهو الدافع الذي يعطينا الأمل في أن نشعل شمعة بعود ثقاب واحد في مهب الريح لتضيء لنا ظلمة ليالي الأيام، وليست الدعوة إلي الحب ترفاً في عالمنا الإنساني القاسي، بل الحب مطلب ديني أمرنا به المولى، فما أجمل أن تكون محبتنا لله عز وجل لا لمصلحة دنيوية، قال عليه الصلاة والسلام : (من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله) وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان) فالحب بمعناه الشامل هو الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يسهم في بناء ما تحطم، وعندما ينتشر بين البشر نستطيع أن نرى من خلاله جمال الحياة في كل الأشياء، ويختفي العداء، وتمتلئ الدنيا عدلاً وخيرًا وسلامًا، ورغم ذلك نجد النفوس في تباعد عن بعضها البعض، ونأمل بأن تزدهر الحياة بالحب. همسة: ليس مهمًّا أن تُحِب، المهم من تُحِب!! ومن أصدق من الله قيلاً: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}.