المرء مفطور بطبعه على الحب بمختلف أنواعه ، وهذه صفة تميز بها الإنسان عن غيره من الكائنات الحية ، وأول مراتب الحب فهي لله عز وجل ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما " فمن حبهما حب الشريعة الإسلامية ومبلغها " وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ " ومن ثم يأتي حب الأشياء الدنيوية الأخرى كحب المال والذرية " الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " والسلطة والشهرة " يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ " . إلى غير ذلك من أنواع الحب " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ " فالإسلام دين المحبة والوئام والسلام ، والحب فيه متعدد الأبعاد ، ويحمل معاني وممارسات سامية ليس لها مثيل في غيرة ، فهو يتسم بالإيجابية ، ويتحلى بالالتزام ضمن رضا لله بتحقيق أوامره واجتناب نواهيه ، وهو في الإسلام حالة واقعيّة ممثّلة بصدق وشفافيّة مع الآخرين ، ومن مفردات الحبّ الإسلامي الدعاء للآخرين والنصح والتوجيه لهم إذا ما حارت السبل ، والسؤال عنهم إذا غابوا لسبب ما ، والتضحية والإيثار لأجلهم بعيداً عن المصالح الدنيوية ، ومن لا يحب نفسه لا يستطيع أن يحب غيره ، لأن الممارسة الأولى للحب تبدأ مع النفس ولا غبار على ذلك في البداية ، وكل عالم الإنسان يدور حول نفسه وإن امتدت أبعاده وتشعبت آلياته ، ومن هذا المرفأ يبحر المرء تجاه الحب الأسري الذي يكن متبادل بين الأزواج والآباء والأبناء والوالدين والإخوة والأرحام ، والإسلام لا يطارد المحبّين ، ولم يطارد بواعث العشق والحب الغرام والهوى في النفوس ، ولم يجنح لتجفيف منابع العاطفة والود والاشتياق ، فهو حب راقي له من الضوابط والشروط ما يجعله يسير نحو طريق الأمان حتى ينتهي بالزواج الذي هو واحة المتحابّين الوحيدة في التشريع الإسلامي ، ومن هذا المنظور نخرج الحب من المفهوم الضيق إلى عالم الوجود ونتعامل به ، فهو ماء الحياة ، وغذاء الروح ، وقوت النفس ، وقد قال أهل العلم إن الحب منه ما هو حلال نافع بل هو واجب ، ومنه ما هو مستحب ، ومنه الضار المحرم شرعاً ، إذ أن للحب أنواع مختلفة ، فلا تعارض بين حب الله وأنواع الحب الأخرى ، بل إن كل أنواع الحب باستثناء حب الله فروع من شجرة الروحانية ، أما حب الله فيعتبر بمثابة الساق الذي يغذي كل أنواع الحب الأخرى ، فهو فضيلة ذو معنى سام ، وأمراً مطلوباً وضرورياً في كل الأوقات ، لذا ينبغي علينا أن نجعل الحب والتراحم هو الأساس في تعامل كل منا مع الآخر ، فنكون بذلك قد طبقنا تعاليم إسلامنا الحنيف ، فأعظم حب في الإسلام هو حب الله ومنه نستمد كل حب في حياتنا . دعاء : اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك همسة : الناس في الحب ليس سواء ومن أصدق من الله قيلاً " وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ " . ناسوخ / 0500500313