لقد فاجأني ما رايته في احد الاسواق الكبيرة في شمال جدة. فاجاني ان البلاد التي نقول عنها منحلة اخلاقيا او ان اخلاقنا لا تتلاءم وسلوكياتها، او ان بيئتنا المحافظة لا تسمح للنساء بقيادة السيارات هي في الواقع افضل بمئات المراحل من وضعنا البئيس الذي تعكسه سلوكيات من نعتقد انهم شباب الامه ومستقبلها. لو ان ما رايته في ذلك السوق حدث في مكان اخر من الاماكن التي نعتقد اننا افضل منها لدخل كل اولئك الشباب الى السجن ولتمت محاكمتهم ومحاسبتهم حسابا شديدا او اقل ما يمكن ان يحدث ان يفقدوا نصف ما يمكلون ان لم يكن كله. لا اعتقد ان ما يمنع النساء من قيادة هو اخلاقنا وثقافتنا وبيئتنا لانه ليس هناك تناقض بين كل ذلك. اعتقد ان ما يمنع النساء من القيادة هو خوفنا وخوف قادتنا من سلوكياتنا المشحونة والمكبوته والتي نخشى ان تنفجر في عرض الطريق. يبدو اننا لا نستطيع ان نطبق برامج التأديب على من يستحق التأديب. ومن امن العقوبة اساء الادب. هذه المواقف لم تنتج عن الشباب الذكور فحسب وانما من الجنسين. عندما دخلت الى السوق اولا رايت منظر الازدحام ومحاولات الشباب الدخول الى السوق وعلمت ان السوق مفتوح للعوائل وليس للافراد. اي النظام نفسه يستثير الغرائز، ثم لا يحرس النظام. اي ان الحماية للنظام هي كلام في كلام. حتى الحياء في السلوك امام الناس لم يكن موجودا للاسف. لماذا لا يدخل السوق من يشاء ومتى يشاء حسب نظام عمل السوق، ولكن من يمارس التحرش او سوء الاخلاق يجب ان يقبض عليه ويعاقب. ما رايكم اذا كنت اتحدث مع حارس الامن الخاص بقولي " يا اخي ايعجبك هذا المنظر، الا يمكن ان تعمل شيئا؟" هل تعلمون بماذا رد علي؟ قال بوضوح: "وماذا افعل، كلهم راضون بما يفعلون. اهل الحريم سربوهم والشباب مفلوتين" لاحظت سيارة امن واحدة فقط، امام حشد كبير جدا من الشباب الهائج غرائزيا والمنفلت بطريقة مخزية. كان جندي الامن العام يتلفت حوله بعيون حائرة، ولسان حاله يقول (وماذا افعل امام كل هؤلاء؟ فليحدث ما يحدث) اناشد كل من يستطيع ان يفعل شيئا فليفعله بسرعة ليوقف هذه المهزلة، فنحن في خطر. بالامس كانت السيول وبعدها ربما اكثر من ذلك. وعلينا ان نتذكر قول الله عز وجل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا). اناشد هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بان تقوم بدورها وتؤدي مهمتها في ايقاف هذه المهزلة والمجاهرة بسوء الاخلاق، وامل ان يركزوا في ردعهم للشباب وليس البنات. ولا تنسوا ان التشهير بالشباب المخل بالاداب يعتبر رادعا جيدا، يجب تطبيقه. فليحفظنا الله ويحفظ ولاة امرنا الذين وفروا لنا الحماية والرعاية والامن وندعو الله ان يوفقهم الى الاستمرار في الحفاظ على امننا واخلاقنا وديننا وثقافتنا.