* كنت اعتقد إلى ما قبل سنوات قريبة ان الناس يختارون اصدقاءهم لمعيار الادب والخلق والصفات الحسنة، ربما كان ذلك ما عرفناه في "المنزل" ونشأنا عليه ونحمد الله ان الصورة ظلت سنوات طويلة في اذهاننا وهو ما يطلق عليه اثر "التربية" او يقال ان تمسك فلان بهذه العادة وتلك الصفة "تربية" حسنت او ساءت.. لكن هذه الصورة النقية الجميلة الطاهرة البهية حصل فيها الكثير من "الخدش" بل انها تغيرت لدى بعض الناس تغيرا جذريا وبدأت اسمع وأرى ما يشعرني بالألم وهو ان الكثير من اصدقائك ومن يطلق عليهم المختارون والصفوة ارتبطوا بك وارتبطت بهم من اجل مصلحة، وأذكر موقفاً لأحد الاصدقاء وقف على امر مع صديقين ذهب ضحيته صديقه صاحب النوايا الحسنة والظن النظيف بدون اي شوائب لأنه اعتبر صديقه ثقة ورجلا اعتمادا على ما يردده امامه، وفجأة انكشف الامر بأن خلفه مصلحة "دنيوية" مما جعل اصدقاء اليوم يطلقون على صافي النوايا "أبله" أو "أصدع" أو "حسن النية" وكأن حسن النية اصبح مثارا للسخرية!! اي ان الانسان عندما يتصرف مع الناس بنوايا طيبة يعد "متخلفاً" في نظرهم لأنهم يريدونه ان يكون منتبهاً لكل شيء ويضعه على "جهاز" الانتباه والتفسيرات وسوء النوايا، اما ان تلقاه بحسن نية وكانت تصرفاته على ضوء ما تلقَّى من تربية وتعود عليه في اسرته وهو ما يربي عليه اليوم ابناءه اتهم بأنه "لا يفهم في الحياة". أعود لعنوان المقال فقد ثبت لدي ان بعض من اعرفهم وعشت معهم يتحدث مع كل صديق من اصدقائه "بنغمة" مختلفة عن الآخر وتصرف "غير" وعندما تعود لتفسير المواقف التي كنت شاهداً عليها تجد ان "المصلحة" مهما كانت مصادرها هي التي تحدد حُسن الحديث وسلامة الكلمات والتعامل والترحيب وإفساح مكان الجلوس.. اما الذين لا مصلحة لديهم او انهم ابتعدوا عن روافد "المصلحة" يشعرون بالفارق الكبير ما بين الامس واليوم لكنني اقول لهؤلاء ان الركون والصبر على مثل هؤلاء الناس يعد من الضعف والهوان والواجب ان يبتعد الشخص عن الصديق او كل من يضحك له ويواصله متى ما عرف الاسباب الحقيقية هذا اذا لم يواجهه فالانسان باسمه وخلقه وعلاقته بالناس وبعد ذلك فإن الحضور الاجتماعي والثراء والمصلحة والفائدة فهي "قشور" لا يعتمد عليها تنتهي وتذهب بانتهائها ويظل الانسان موقفاً واسماً.. حتى لو كان كما يقال من اقل الناس ثقافة ومالاً ومركزاً او متى ما كنت نظيفاً لا تمتد يدك للغير فأنت الصديق الوفي وصاحب الصفات العليا وهؤلاء هم من اتمنى ان احادثهم!! لقد كنت "شاهد عصر" لكثير من "القامات" التي كانت تهتز لها "المجالس" وعندما غادروا "الكرسي" رأيت كيف يستقبلون في المجالس نفسها لكنهم لا يعبثون بهذه التغييرات لثقتهم الكبيرة في انفسهم واسمائهم واعمالهم "ليت من اعنيهم يفهمون" واظنهم كذلك!!