في هذه الحياة يمكن تصنيف بعض الناس إلى عدة فئات من خلال تعاملهم وتصرفاتهم وحديثهم مع الطرف الآخر الذي قد يكون صديقاً أو قريباً أو رئيساً في العمل أو غير ذلك ويسهل التصنيف عندما يكون الطرف الآخر ممن يملكون عملاً خاصاً أو يُديرون عملاً عاماً،وهاتان الفئتان عادة ما تُحيط بهما إما اشخاص يتعاملون معهم باعتبارهم موظفين لديهم أو ممن يرتبطون معهم بشراكة عمل أو أنهم من أصدقائهم وجلسائهم فإذا كانت هذه الفئات تُحيط بصاحب عمل خاص فإنه بالنسبة للعاملين معه يكونون صنفين الأول المخلص الغيور الذي يريد لصاحبه الخير ويُبدي له النصح فإن استجاب حقق ما تمناه له من خير فإن لم يستجب قال لنفسه سويت ما عليك الحجر من الأرض والدم من رأسه والصنف الآخر فإنهم فئات المنتفعين الذين لا يُقدمون نصحاً ولا رأياً فإن رأوا صاحبهم اخطأ الهدف قالوا له بل أصبت الهدف لأنهم يرون أن تضليله هو الطريق الأفضل لاستمرار العمل والاستفراد به وكسب ثقته المبنية على غشهم له والاحتيال عليه أما الصنف الثاني من الذين يُحيطون بمثل هذه الشخصيات فهم الذين لا يعملون معهم في الأعمال التي يملكونها ولكنهم ارتبطوا بهم بحكم الصداقة والمعرفة والمجالسة وهؤلاء يكونون على ثلاثة أصناف الصنف الأول المُحببون لصاحبهم فإن رأوه على خير شجعوه وأسمعوه كلمات ثناء تجعله يستمر في احسانه وفي أعماله الطيبة وينتقل من نجاح إلى نجاح وإذا رأوه محتاجاً إلى نصحهم قدموا له النصيحة الخالصة لوجه الله لا يريدون من ورائها جزاءً ولا شكوراً فإن عدل وأخذ بنصحهم قالوا له بارك الله فيك وإن أصر تركوه ليس كرهاً فيه ولا حسداً له على ما لديه من خير ولكن لأنهم لا يُريدون أن يُذكر صاحبهم بسوءٍ في أي مجلس ثم يقول لهم الناس أنتم جلسائه وأصدقائه كيف تقبلون منه ما يقوم به فيكون ابتعادهم عنه رسالة منهم لا بد أن يُدرك معناها لانها صادرة من رجال لا يقبلون من أحد إلا ما يليق بأصحاب الرجال بل ان هؤلاء الرجال الناصحين حتى لو علموا أن مع صاحبهم بعض الحق في خصومته مع الآخرين فإنهم ينصحونه بأن لا يمضي في خصومته لأنه أكبر من ذلك وأن من يشجعه على المزيد من الخصومات والتحديات لا يمكن أن يكون من الرجال الذين يتمنون له الخير. أما الصنف الثاني فهم أصدقاء السوء لأنهم بنوا صداقتهم على الشيكات والتذاكر والهدايا والعطايا فهؤلاء يحاولون دائماً إفهامه أن جميع ما يقوم به صحيح سواءً أحسن أم لم يُحسن وأي إنسان معرض للخطأ وهم لا يكتفون بهذا الدور اللئيم بل يحرصون على ابعاد الرجال الناصحين عن صاحبهم خوفاً من أن يستمع لنصحهم ويكتشف بذلك أمرهم وأنهم لم يكونوا من الناصحين بل من المضللين المستفيدين. أما الصنف الثالث فهم النوع الصامت الذين لا يُقدمون نصيحة ولا رأياً وإنما يدخلون ويأكلون ويشربون ويخرجون. فإذا حصل بين شخصية من هذه الشخصيات خلاف مع رجل ناصح أمين بغض النظر عن السن فإن على تلك الشخصية أن تدرك أن الرجل الناصح الذي اختلف معه لا يكُن له حسداً أو حقداً أو بغضاً وإنما عليه أن يُفسر انسحابه بأنه رسالة احتجاج ضد ما لاحظه من بعض التصرفات التي يرى الناصح انها لا تليق بصاحبه إن كان في نفس سنه أو كان في سن والده ومثل هذا الخلاف الذي يكون بين الناصح الأمين وصاحبه لا يحتاج إلى وسطاء للتدخل والاصلاح بينهما فكل ما يريده من قدَّم النصيحة أن يجد أثرها عند الطرف الآخر وأن يكون لديه الرغبة في العمل بها فإن حصل ذلك وعرف أن الرجوع عن الخطأ لا يُنقص من الرجال بل يزيدهم بهاجلالاً فإن الناصح الأمين سوف يُبادر في السعي دون واسطة أو وليمة وإنما يأتي على مشهد من الناس فيقول أنعم بأبي فلان فقد عاد كما نعرفه من زمان ويستحق قبلة على الرأي أما إذا كان مدار الحديث شخص يُدير قطاعاً عاماً فإن الحديث عنه وعن من يُحيطون به سيكون في مقال آخر!! والله الموفق