المشاريع التنموية لا يقتصر نجاحها على الدراسات ورصد الأموال، بقدر احتياجها إلى عنصر فعال يضبط ميكانيكية الأداء للمحافظة على الوقت من التعطيلات المختلفة عند التنفيذ، ويفرض محطات تفتيش رقابية مضادة للفساد منذ طرح المشروع كمناقصة وصولاً إلى صلاحيته بعد التنفيذ وتكاليف صيانته. ولتحقيق ما سبق نحن في حاجة إلى قيادة مركزية تحاسب المسؤولين عن المشاريع باختلاف مراجعهم التنظيمية في جميع المراحل وتحد من مؤثرات بعض الأنماط البيروقراطية أو البيزنطية أحياناً. مشاريع الوزارات الخدمية تَعتَمد على معطيات المناطق ويتولى تنفيذها فرع الوزارة في تلك المنطقة التي يعتبر المسؤول الأول عنها أميرها وليس الوزارات، كما أن هنالك متغيرات وظروف في الطبيعة قد تحتاج إلى قرار محلي سريع لتحقيق الهدف المنشود لا يستطيع مسؤول الفرع اتخاذه ولا تتحمل المشاريع بطء المراسلات أو تفسيرات أغلب اللوائح الوزارية الأثرية التي قد يستغل نرجسيتها المقاول سلبياً. الناس يضعون مسؤولية كل تأخير في مشاريع منطقتهم على إمارة المنطقة اعتقاداً منهم أنها المسؤول التنفيذي عن المشاريع واكتمالها، وهذا أمر طبيعي لو كان ما يحدث يتماشى مع الطبيعة التي تؤكد النظم والنظريات الإدارية أن أمير المنطقة هو صاحب السلطة الإدارية لضبط تنفيذ المشاريع المعتمدة لمنطقته كسلة متكاملة وفرض التعاون شبه المفقود بين فروع الوزارات المختلفة بصفته المسؤول الحريص على أن تكون منطقته أحسن المناطق. لا يعني هذا إلغاء دور الوزارات ومهامها الفنية التي يجب تسخيرها لتقييم ماتم اعتماده مقابل ماتم تنفيذه، لأن المصلحة تتطلب لجودة الأداء توحيد الجهود في موقع المشروع وضمان التنسيق والتدقيق تحت مظلة القائد المحلي الذي قد يحتاج لتطبيق روح النظام للخروج بأفضل النتائج وكذلك محاسبة الفاسدين المهرة وفي الحال. وكشاهد على تأثير ما يحدث الآن بسبب تشبت الوزارات في رجوع الفروع إليها لتفسير بعض اللوائح الضبابية البالية والتي بسببها يضيع الوقت والجهد في المراسلات فيحبط المجتهد ويستمتع الفاسد ويخسر الوطن، أكاد أجزم بأن إسناد قيادة تنفيذ المشاريع لأمراء المناطق الموقرين مع صلاحيات أكثر لمجالس المناطق وجعل الوزارات تتفرغ للمتابعة والتقييم وعرض النتائج في آخر العام على مجلس الوزراء، سوف يخلق نقلة نوعية استراتيجية يحتاجها الوطن للاستفادة من الأموال في تحسين الحال، وسيمثل المضاد الإداري الفعال لفساد المشاريع الحالي بمختلف أصنافه.هذا المضاد مستخرج من الواقع لأن مشروع الوزارة (ج) يتداخل مع اختصاصات الوزارات (س و ص) والحال دائماً مايكون الحَكم وحال مشاريعنا يؤكد أن الحل يكمن في قيادة إمارة المنطقة مسؤولية تنفيذ المشاريع المعتمدة بشفافية تخدم مصلحة المنطقة وكذلك تكوين وقيادة لجنة الكوارث لكي نضمن المخرجات. والله من وراء القصد. عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا