(إنني لا أرى ذلك تقديراً لي على إنجازات شخصية، بقدر ما تعكس من اعتراف بالدور الأمريكي القيادي، سوف أقبل هذه الجائزة من منطلق أنها تتضمن دعوة لإنجاز المزيد). جاء ذلك على لسان الرئيس "أوباما" إثر إعلان لجنة نوبل (النرويجية) للسلام منحه الجائزة تقديرا له على "الجهود الخارقة" التي بذلها بغية تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب. ولعل ذلك مما يؤكد أن الجائزة لم تأتِ نتيجة ضغوط سياسية وإلا لكان صدى تلقيه إياها بصورة غير التي تفاجأ بها. ولعل مقالنا السابق في هذه الصفحة بعنوان (أوباما غير) والذي توقعنا فيه أن المنهج والسياسة الحكيمة التي جاءت في خطابه الرائع المتوازن على جميع الأصعدة في القاهرة، وأنه لو لم يكن فيه سوى ما قاله عن السلام وأهميته وعن قيم وسماحة الإسلام لكفى.. قد جاء موافقاً لتوقعنا لمنهج الرجل، وتم ترشيحه لأكبر جائزة خاصة أنه جاء بعد وقت كانت قد ازدادت فيه حالة الاحتقان وحدة التوتر في العالم، وكثرت فيه الحملات الشرسة على الإسلام وعلي نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم جاءت الجائزة وتقلدها الرجل.. وأعقبتها التحليلات والاستنتاجات التي تدلل على أن ذلك الخطاب كان أحد حيثيات القرار لمنحه الجائزة.. وأن لجنة الاختيار حرصت على التأكيد بأنهم منحوا الجائزة استنادًا إلى ما سبق أن فعله الرئيس، والذي يدور حول التزامه بالقضاء على الأسلحة النووية، والتحول الذي شهدته سياسة الولاياتالمتحدة. وأيضًا لصدى ووقع كلمته التي ألقاها في القاهرة والتي مثلت بداية مختلفة باتجاه العالم الإسلامي، وأكدت تفهم الحكومة الأمريكيةالجديدة لرؤية العرب والمسلمين للعالم، وأخذها في الاعتبار للانتقادات التي يوجهها العرب والمسلمون إلى الولاياتالمتحدة وسياستها. وبالتالي انفتح باب الأمل لحقبة يؤمل أنها للسلام قد فجّر آمالها عند اللحظة الأولى لانتخابه فهدأت حالة الاحتقان الزائد تلك التي اجتاحت العالم قبل انتخابه. لذلك فقد ذهبت الجائزة لهذا الرجل لما وعد به ويسعي فعلاً لتحقيقه.. ولاعتبار ما قد سيكون مستقبلاً ويتحقق من وعود وآمال بإذن الله من أمن وسلام في العالم، فقد حُسم الأمر ولا مجال للتشاؤم والتباكي أو الاستدلال بنوادر القصص الموجعة التي يحب أن يرويها البعض مثل قصة ذلك العصفور الذي حزن حزناً شديدا وهو يرى الدموع في عيني الصياد من وقع وشدة البرد عليه فجعلت دموعه تتقاطر من عينيه لقسوة الشتاء، والعصفور ينظر في حزن لدموع الصياد، فقال له عصفور بجانبه: لا تحزن ولا تنظر إلى دموع عينيه بل انظر إلى فعل يديه. فعلينا أن نتفاءل وأن نثق بالرجل لا أن نتشاءم مؤملين كثيراً في أن تسهم جهود مستشاريه لمعاونته في تعزيز ودعم وإرساء سياسة السلام والحكمة التي أعلن عنها على أرض الواقع لكل العالم، خاصة أنه قد مُنح جائزة نوبل للسلام لعام 2009م لجهوده الاستثنائية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب.. ذلك لأن (أوباما) ليس ذلك الصياد كما أننا لسنا ذلك (العصفور).. لأن (أوباما) غير.