من أخطر الآفات التي تهدد البشرية جمعاء: الجهل. والجهل له صور عديدة؛ جهل الواقع، جهل الكون، جهل الآخر. نحن شركاء مع الآخرين في الجهل، ولا نبرئ أنفسنا من ذلك، بل ربما نزيد على الجاهلين جميعا بجهلنا لأنفسنا وديننا ودورنا في الحياة. سمعت مؤخرا عن دعوة بثها الغربيون على موقع (فيس بوك) على (الإنترنت)، تجعل من الحادي عشر من سبتمبر يوما عالميا لحرق القرآن. وعلى الرغم مما في الدعوة من عنصرية ومعاداة للأديان -للإسلام خاصة- فلم تقم (راعية الفضيلة) فرنسا، ولا غيرها من الدول التي لوثت أسماعنا بدعاواها الكاذبة عن حماية الحرية وحقوق الإنسان، أقول لم تقم هذه الدول لا بمحاسبة أصحاب هذه الدعوة الحقيرة، ولا حتى باستنكارها، وهي نفس الدول التي أغلقت منذ شهور قليلة مضت بعض الفضائيات العربية الإسلامية، كقناتي الرحمة والأقصى، بنفس الذرائع التي لا تطبقها إلا علينا: ازدراء الأديان، والتحريض على الكراهية والعنف.. إلخ. فماذا عن هذه الدعوة المعادية لأكثر من مليار شخص، التي تمس الإسلام، وتنال من معتقديه؟ أليس فيها ازدراء لدين أكثر من خمس البشرية؟ أليس فيها تحريض على الكراهية، وحث على العنف؟ أليس فيها تعد سافر على أبسط حق من حقوق الإنسان، ألا وهو حرية الاعتقاد؟ لكن ذلك كله ليس بغريب في عصر تعاون فيه المسلمون مع الرافضين لهم، الكارهين لدينهم، لتدمير أنفسهم وإهلاك مجتمعاتهم واحتلال بلادهم. أنا أدعو هؤلاء لقراءة القرآن الكريم بإنصاف وموضوعية، وهي ما يحلو لهم وصف أنفسهم بها وتجريدنا منها -قبل أن يحرقوه، وأن يتدبروا آياته- وبخاصة ما يتعلق منها بالتعامل مع الآخر، المخالف لهم في الدين والرأي والجنس، وفي نفس الوقت، فليقرؤوا كتبهم المقدسة، وليقارنوا موقفها منا، نحن المخالفون لهم في العقيدة، وموقف القرآن الكريم منهم. أعلم جيدا أنهم لن يجرؤوا على القراءة، فالقراءة من شأنها أن تزيل الجهل، وتنير البصيرة، وتهدي الحيارى، وهم قد أعجبهم حالهم، وزين الشيطان لهم أعمالهم، وإني على يقين من أن هؤلاء جميعا لم يطلعوا على القرآن، ولا بعض آيات القرآن. لكننا -والحال هذه- مطالبون بالدفاع عن كتابنا وديننا، وقد أمرنا الله تعالى بالدعوة إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. ومن هذا المنطلق، أدعو جميع الفضائيات -إسلامية وغير إسلامية- وبخاصة تلك التي شغلتنا بقضايا غير ذات قيمة، كرضاع الكبير ونحوها، أو بقضايا غير جوهرية في حياة المسلمين ودينهم، كإطالة الثوب وتقصيره، وحلق اللحية وإطلاقها، أقول: أدعو هذه الفضائيات أن تخصص يوما واحدا، وليكن ليلة القدر، بمناسبة نزول القرآن فيها. وتجعل شعارها: اقرؤوه قبل أن تحرقوه، ثبت فيه برامج بلغات العالم كله، يكون موضوعها شرح الآيات التي تعالج قضايا التعامل مع الآخر، وليعلم أصحاب هذه الدعوة العنصرية أننا لن نحرق كتبهم على الرغم مما فيها من دعوات لإبادة الآخر، وفي نفس الوقت نذكرهم بفشل آبائهم وأجدادهم على مدى قرون خاضوا فيها حروبا صليبية بشعة، حرقوا فيها القرآن، ودمروا المساجد، بل ما زالوا يفعلون الشيء نفسه في فلسطين والعراق وأفغانستان، فقد بقي القرآن وسيظل باقيا، وعليكم أن تقرؤوه قبل أن تحرقوه ليزيل عنكم جهلكم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة