* يجتهد خبراء (الأمانة، والنظافة) في مدينة جدة في وضع برامج توعية للمواطنين، والمقيمين للرفع من مستوى النظافة في شوارع، وأحياء، وحواري، وأزقة العروس لتكون عنواناً لهم، ويكونون هم عنواناً لها.. آخر ما تفتق ذهنهم عنه مشروع برنامج (النظافة: منا، وفينا) فرسموا (فلينة العروس) على ثلاث لوحات منفصلة، ومتجاورة على الأولى الحرف الأول من اسم جدة وفوقه الفلينة منشورة بالمشبك وعلى الثانية الحرف الثاني، وفوقه الفلينة منشورة على حبل الغسيل، وعلى الثالثة الحرف الثالث، وفوقه فلينة العروس مثبتة بمشابك الغسيل فتكاد ترى العروس نصف عارية في نهار الصيف، ولياليه، أو أنك ترى العروس وقد تجردت من ملابسها، وبقيت بالملابس الداخلية فقط..؟ وربما يشطح الخيال بك وأنت تُشاهد هذه اللوحات الارشادية إلى أن المطلوب للعروس (نظافة داخلية) أكثر مما هو مطلوب (نظافة خارجية).. ومدينة جدة برغم ميزانية النظافة التي تقترب من المليار ريال إلا أنها تعاني من سوء النظافة من شمالها، إلى جنوبها، ومن شرقها، إلى غربها، إلاّ إذا استثنينا قليلاً من أحيائها الراقية. وقد رأيت (فلينة العروس) أسفل، وأعلى.. رأيتها بجوار البنك وقد عُلّقت على الرصيف، ورأيتها وقد رفعت على عمود إعلاني ضخم وكانت (الفلاين الثلاثة) بنص كم، وليست من (النوع الحمالي) وهذا يعني (وقار العروس) وقد نُشرت ملابسها الداخلية على حبل الغسيل لتحقيق مستوى متطور من النظافة.. قبل ذلك بحوالي عامين تقريباً نشرت الأمانة توعية على سيارات النظافة أكثر دقة، ومسؤولية قالت فيها: (النظافة أمانة فنلؤد الأمانة).. وكلما ازدادت (الأوساخ، والقاذورات، والمستنقعات) استرجع السكان عبارة الأمانة، وضحكوا منها، أو عليها فالسكان من جهة، والأمانة من جهة (خانوا الأمانة) فهذه الشوارع، والحارات، والأزقة مليئة بالقاذورات، وحافلة بعدد من المستنقعات من مختلف الأحجام، والمقاسات، وهي تتناوب الحضور في أوقات مختلفة، وأخطر هذه الأوقات التي تنفجر فيها هذه المستنقعات هي عند تحرك مياه الشرب، وقد قال لي أحد سكان الحارات الشعبية في جنوبجدة أنهم يشهدون (إنفجار المجاري) لحظة وصول مياه الشرب إليهم فلا يعرفون هل يفرحون، أم يحزنون..؟ وعلى هامش (النظافة، والوساخة) اتذكّر نكتة بالغة السخرية، والمرارة رواها لنا قبل أكثر من ثلاثين عاماً المرحوم الاستاذ أمين عبدالمجيد الذي كان يُطل علينا في جريدة المدينة بقامته الفارعة، ويُطل على قراء الجريدة بقلمه الرشيق، الساخر كل أسبوع مرة. يروي الاستاذ أمين أن مجموعة من الصحفيين المحترفين، والمشاغبين احتاروا في خبرين نشرتهما الجريدتين الرئيسيتين في جدة فكتبت الأولى تقول بعنوان بارز إن شوارع مدينة جدة نظيفة، وكتبت الاخرى عكسها تماماً تقول إن شوارع مدينة جدة وسخة فمن يصدقون.. وبعد (أخذ، ورد، ورد، وأخذ) أنبرى صحفي معروف عنه طولة اللسان، وسرعة البديهة، وقال: صدقوا الوسخة.. والصورة البائسة لعمال النظافة تكفي للحكم على مستوى (نظافة العروس) فهم يعملون برواتب تحت خط الفقر.