على الذين يعتقدون أن الكذب حباله قصيره أن يغييروا فكرتهم في هذا الزمان بعد أن اصحبت حبال الكذب طويلة وأطول مما تتصورون ولاشيء يرهقني في هذا الزمان أكثر من ممارسة الكذب والنفاق والاساليب الملتوية المتعددة التي اصبحت عليه أكثر حياتنا لدرجة أنك تبحث بإبرة عن فئة الصادقين واصحاب الرأي الواحد فلا تجد غير المتلونين الذين يقولون في الليل كلاماً ما أن تطلع عليه الشمس حتى يصبح مدهوناً بزبدة. وفي كل حياتنا التي تحولت إلى ممارسات خاطئة لم نجد أحداً صادقاً إلا من رحم ربي لدرجة ان الطفل الصغير يتعلم الكذب من افواهنا ليلاً ونهاراً عندما نقول له رد على التلفون وقل للمتصل أن أبي نائم أوخارج المنزل بينما أنت تشجع الصغير على ممارسة ذلك الكذب عندما تقول له بعد أن وضع السماعة: احسنت إذ لم تكافئه بلعبة أو بعض النقود. ونفس الشيء تمارسه الأم مع أبنائها بحيث يتحول المنزل إلى فريق من الكذابين المهرة ثم نقول ونتبجح لماذا لايكون هناك قدوة في المجتمع فكيف تزرع بذرة القدوة في مجتمع قد لايكون معظمه كاذباً ومدلساً ومنافقاً ومرتشياً بل وخاملاً يعتمد في معظم حياته على العمالة الاجنبية من موظف في المكتب إلى عامل في الشارع إلى سائق في المنزل إلى أكثر من خادمة بحيث اصبحت المرأة السعودية منشغلة باللبس والمكياج والتسوق والنوم حتى أولادها أحياناً لاتدري عنهم شيئا إلا إذا قالت لها الخدامة أن أحدهم مريض. إن بعضنا الذين افسدوا حياتنا بممارساتهم الخاطئة قد جلبوا لنا هذه السمعة السيئة التي تجدها على ألسنة البعض الآخر الذين يكادون ينفجرون من الغيظ عندما تخترق آذانهم بأن الفرد السعودي اتكالي لايعمل إلا في المهن من نوع مدير إلى وكيل إلى وزير حتى لو كان العمل مديراً على خمس افراد من العمالة.. المهم أن يكون مديراً أو موظفاً بكرسي دوار. طبعاً استثني تلك الفئات من المجتمع الصادقين الاوفياء الكادحين الذين تلسعهم قيمة فاتورة الكهرباء وترهقهم فاتورة الهاتف ويفكرون طويلاً الى ان يجمعوا إيجار الشقة أو البيت الشعبي وكل هؤلاء قد تقابلهم ولاتشعر بهم لأنهم لايحبون الجلبة والضوضاء ويحرصون على السير جنب الجدار وهم الذين قيل عنهم تراهم فتحسبهم اغنياء من التعفف لكن مصيبتنا في الشريحة الأكثر الذين يعيثون في الأرض فساداً أما كذباً أو نفاقاً أو ارتشاء وإذا خرجوا خارج الحدود فكل ممارساتهم خطأ في خطأ منذ خروجهم من بوابة المطار في البلد الذي يقصدونه إلى عودتهم مرة أخرى لدرجة أن سكان أي مدينة ينظرون إليهم شذراً لأنهم يحولون أي مدينة إلى صخب وضوضاء وتفاصيل صغيرة وكبيرة من الممارسات النزقة التي لايتخلون عنها حتى داخل الطائرة أثناء العودة ثم بعد كل هذا نسأل ونقول لماذا نحن مكروهون من بعض الآخرين في الداخل والخارج.. سؤال غبي لأن كل ذلك هو ما جنته علينا تصرفاتنا وأيدينا وألسنتنا بل أن أسباب بعض تخلفنا نتيجة لكذبنا اعلامياً لبعض منجزات ليس لها وجود على الواقع.