الكذب خصلة سيئة ومنفرة لأبعد الحدود ، لأن الكذوب يجعل أي حوار معه في موضع شك ، هذا بالإضافة إلى أنه غالبا ما يكون كريه الطبع لا يطاق بصفة عامة ، خاصة إذا فاحت رائحة كذبه وأصبحت كل الأنوف خبيرة بها. ولكي نكون صادقين نستطيع القول أنه لا يوجد فينا من لم يكذب في حياته لأسباب قوية أو غير ذلك ، فأحيانا تكون الخشية من العقاب سبباَ رئيسياً لكذبنا وفي أوقات أخرى تكون النية حسنة لحماية شخص ما ، لكنه قد يكون كذلك لإيقاع الضرر بأحدهم ، وبغض النظر عن ألوان الكذب والتي لا اعترف بها على أي حال يظل الكذب كذبا ، لأنه من وجهة نظري بلا لون أو رائحة ,بل إنه كالحرباء تتلون وتتموه بحسب الحاجة والوضع ، وفي النهاية وكان وسيبقى قاتل الحقيقة الأول والأخير. وكثيراً ما يصلح الوضع بكذبة ويسوء بأخرى ، ومع ذلك فإني أجزم بأن الكذب فن لا يتقنه الكثيرون ، فالكاذب الذكي يقيم من يكذب عليهم جيداً ويقدر درجات ذكائهم ويعرف درجة الإقناع التى توصل كذبته لمكانها الصحيح ، وهذا كذب مكلف لصاحبه ،فلكي تكون الكذبة متقنة يقوم الكذوب بدراسة جميع الظروف والأشخاص الذين يصاحبون كذبته ، ولا يدع ثغرة تنكتشف منها الكذبة أو تتسرب منها رائحة توحي أنها غير حقيقية. ولوعدنا للتاريخ لوجدنا أن الكذب وجد بأشكال وصور متعددة وكثيرة ، في كل الحضارات والأمم والشعوب ، أي أن بني البشر كلهم مارسوا الكذب ولم يسلم منهم سوى الأنبياء والرسل وقليلاً ممن سواهم . وعلى سبيل المثال نجد أن تاريخ الجاسوسية بالذات ملئ بكذبات خلدت من عصر لآخر وحتى التاريخ الإسلامي لم يخلو من ذكر الكذب في قصة مسيلمة الكذاب الشهيرة. ويبقى أنني دائما حين يذكر الكذب أتذكر زميلة لي كانت تكذب في كل شئ وعلى الرغم من ذكائها كانت كل كذباتها مكشوفة ، وكنت أعرف الغرض من كل كذبة إلى أن جاءت ذات مرة سألتها عن شيء وقبل أن تجيب حذرتها من الكذب فحملقت في وجهي بغباء وسردت لي الحقيقة ربما لأول مرة في حياتها!والحقيقة أن أكثر ما كان يزعجني هو استخدامها لكذبة رخيصة معي عوضا عن كذبة متكلفة!! وأخيرا أقول: أن الكذب عادة قد تقود للإدمان ، ومن السهل أن يكذب البشر و لكن من الصعب أن تقال الحقيقة كما يفترض أن تكون. رؤى صبري*