في ذلك الزمان كانت ليالي الصيف لها خصوصيتها ولونها وطعمها.. فهذه بساتين الطائف يتوزع "المصطافون" على مزارعها ويحولونها الى ليالي فرح ففي كل بستان هناك مجموعة او "شلة" تمضي ليلها في الاستماع الى فنانينها هذا طارق عبدالحكيم في المثناء وذلك طلال في "الردف" وهذا عبدالله محمد في غدير البنات.. وهناك فنانون مهرة في العزف والغناء لا يعرف عنهم احد يتوزعون بقية الأمكنة. وهناك في المدينةالمنورة تتحول بساتينها هي الاخرى الى "مواويل" افراح والى مساحات مطرزة بأزهار الفن.. ففي بساتينها في العوالي.. وقربان.. وقباء وفي عيونها في بستان الاسعدية والجوعانية ينتشر المصيفون ويأتيك صوت "فنانيها" عبدالعزيز شحاته على العود واخوه حمزه رحمه الله على الكمان وعبدالرحيم شرف او عمر فلاته على القانون ومحمد النشار بدنميكيته الشابة ووسط كل هذا النغم يتسلل اليك واحد من اجمل الاصوات عندنا ان لم يكن اجملها على الاطلاق السيد حسين هاشم رحمه الله فيأسرك بقدرته على التنغيم ليأخذك في فضاء الاناشيد الصافية وبتلك القدرة على التنقل بين المقامات في نفس واحد دون الاخلال "بالجواب" الذي يصل اليه. تذكرت هذا وانا اتابع هذه "الهوجة" الفنية في "مصايف" بعض الدول العربية.. وهي اصوات ميزتها النشاز كما كنت اتابع بعض فناني هذه الايام وهم "يتقافزون" امام "الكاميرات" على صالات "الهز" فهم لا يسمعون أحداً الا صخباً وليس ايقاعاً، لقد حولوا الاستمتاع "بالفن" الى النظر وليس الى السمع بتلك الزغللة المفرطة في اللا حياء.