مضى واحد وستون عاما على نكبة الشعب العربي الفلسطيني،، شاخت النكبة، وأكلت في طريقها اجيالا من ابناء الشعب الفلسطيني، غير ان مرارتها وبشاعتها مازالت طرية كأنها حصلت بالامس القريب، الامها وفواجعها تقض مضاجع الفلسطينيين.. وعلامتها الفارقة مخيمات اللجوء في بعض الوطن والشتات تروي الرواية الفلسطينية صباح مساء.. كل زقاق وزاروب، وسقيفة او بيت، وكل رب اسرة له صفحة من فصل في الرواية الوطنية.. الذاكرة الوطنية لم تشخ، لا بل تتجدد مع كل صباح واشراقة شمس يوم جديد، ليس فقط لان الفلسطيني يروي كل يوم روايته الخاصة والعامة لابنائه واحفاده، انما لان المستعمر الاستيطاني الاسرائيلي البغيض يجدد كتابة الرواية الفلسطينية من زاوية اخرى، بعدوانيته وجرائمه ومذابحه اليومية ضد البشر والحجر والضرع والزرع في الارض الفلسطينية.. سجل طويل من المجازر.. شلال دم لم يتوقف على مدار الواحد والستين عاما من النكبة، التي تتوالى فصولها بؤسا وقتلا وتدميرا وانتهاكا لكل القيم والمواثيق والاعراف الدولية والانسانية والسياسية والاخلاقية والدينية ضد الانسان الفلسطيني، لمجرد انه فلسطيني عربي، يدافع عن حقه بالبقاء على ارض وطنه او مطالب بحق العودة الى وطنه الام، الذي طرد وشرد منه عام النكبة 1948.. الخامس عشر من مايو من كل عام مالم تتحرر الارض الفلسطينية من الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي الصهيوني، سيبقى يشكل اضافة سوداء لعام جديد من ظلام النكبة يظلل بالسواد حياة الشعب العربي الفلسطيني.. وهو، وان اعتبره الصهاينة انه عام جديد لدولة البغي والعدوان، واضافة لتكريس دولتهم في الواقع، فانهم يخطئون الف مرة في علم الحساب البسيط لان ما يعتقدونه " انتصارا " لهم، هو في الحقيقة هزيمة اخلاقية وسياسية وقانونية لهم ولروايتهم الزائفة، حتى وان تواطأ العالم معهم الى حين. كون ذكائهم يخونهم مع كل يوم جديد، نتيجة غرور القوة واتسامهم بسمة الاستعلاء والغطرسة والتفوق العرقي، اسوة بنظرية هتلر النازية، وانتهاجهم خيار التطهير العرقي للشعب العربي الفلسطيني من ارضه ووطنه. غباء القيادات الصهيونية المفرط في عدم استيعابهم وعدم استعدادهم للمساومة مع القيادات الفلسطينية والعربية رغم ان العرب جميعا ذهبوا بعيدا جدا في خيار المساومة، وقدموا تنازلات تفوق التصور والمنطق، عندما قبلوا الاعتراف بالدولة الاسرائيلية الباغية وتطبيع العلاقات معها شرط انسحابها من الاراضي العربية عموما والفلسطينية خصوصا المحتلة عام 1967، والقبول بمبدأ اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة بما فيها القدسالشرقية على ذات الاراضي الفلسطينية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. لذا، القيادات الصهيونية تخطئ في الحساب، عندما تفترض ان رفضها المساومة مع العرب، والاستمرار في سياسة التهويد ومصادرة الاراضي وبناء جدار الضم والعزل والفصل العنصري وهدم المنازل والحفريات والاستيطان، يشكل لها " ضمانة " البقاء. هذه الوصفة ذاتها، هي وليس شيئا غيرها يقرب المسافة بشكل دراماتيكي لتدمير اسرائيل. مهما كانت عظمة القوة العسكرية الاسرائيلية، وبغض النظر عن تعامي العالم عن فاشية ونازية اسرائيل ضد العرب عموما والفلسطينيين خصوصا. ومهما تنوعت سيناريوهات المماطلة والتسويف التي تبتدعها اسرائيل لتغيير الحقائق الديمغرافية على الارض الفلسطينية وخاصة في القدسالشرقية، فان شيئا من ذلك لن ينفعها، ولن يحميها، ولن يؤمن بقاءها، بل العكس صحيح. العام الحادي والستون للنكبة الفلسطينية، فصل جديد في الرواية الفلسطينية الحية رغم كل العذابات والمآسي والجرائم الاسرائيلية الاضافية، وهو، في ذات الوقت فرصة لمن يرغب بالمساومة وبلوغ التسوية السياسية على اساس مبادرة السلام العربية. ولعله فرصة حقيقية للقيادات الصهيونية، وتكون الاخيرة لولوج خيار التسوية السياسية، وانتهاء دورة العنف والحروب في المنطقة، واشاعة مناخ التعايش بين شعوب المنطقة. الفلسطينيون والعرب لن يتخلوا عن روايتهم، وعن حقوقهم في حدها الادنى كما وردت في مبادرة السلام العربية، ولن يفلح الاسرائيليون في تحقيق مآربهم العدوانية، ودورة التاريخ في حال هبت رياح التغيير، ستنقلب رأسا على عقب، وعندئذ لن ينفع الندم، وستذهب ريحهم الى جهنم وبئس المصير. الحياة الجديدة الفلسطينية