يكفينا تعرضنا لسيل بعض من المسلسلات المحلية بأطروحاتها السلبية المشحونة بالصراخ . أشارت دراسة نفسية جديدة أشرف عليها باحثون نفسيون من جامعتي "بافولو" وجامعة "ميامي-أوهايو" الأميركيتين أن التعلق بمشاهدة بعض المسلسلات التلفزيونية له نتائج ضارة بالنسبة إلى الفرد والأسرة. تذكر شيرا غابرييل الأستاذة المساعدة في علم النفس في جامعة "بافولو" أن "فرضية البدائل الاجتماعية" حقيقية حيث توفر التكنولوجيا عموماً بدائل مزيفة لاحترام الذات وللانتماء الأسري عند بعض الأفراد. ويضيف الباحثون أن المسلسلات التلفزيونية أثارت لدى المشاركين في الدراسة الإحساس بالعثور على بدائل اجتماعية تغنيهم بعض الأحيان عن مشاركة الآخرين وهذا بالطبع يعتبر بديلاً ضعيفاً للتفاعل الإنساني الضروري. أخيراً, يذكر أحد الباحثين المشاركين في الدراسة المثيرة أن "تجاهل الأسرة والأصدقاء والبحث عن المواساة في التلفزيون يشير إلى سوء تكيف سلوكي ويحرم الفرد تدريجياً من الاستفادة من البدائل الحقيقية (الأسرة والأصدقاء) (مجلة العلوم النفسية والاجتماعية التجريبية-352-362-مجلد 45-فبراير 2009). تذكرنا الدراسة النفسية بينما كنا نقرأ خبر وصول فريق مسلسل "ويبقى الحب" حيث عبر أبطال المسلسل التركي أن "هذه هي المرة الأولى التي نزور فيها الكويت ولم نتوقع اننا سنلقى هذه الحفاوة الصادقة من جميع الذين التقينا بهم سواء كانوا يحملون صفة رسمية أو أناسا عاديين وقد استشعرنا ذلك تصريحا وتلميحا من خطاب اللسان وإيحاءات الوجوه" (الشاهد 28-4-2009)! ليس مستغرباً هذه الأيام الحفاوة التي تتلقاها هذه النوعية من المسلسلات في دول الخليج عموماً لكن ما يغيب في هذا السياق هو التأثيرات السلبية الدائمة لهذا النوع من المسلسلات وخطورة أطروحاتها الاجتماعية والثقافية على الأسرة والفرد. وفق ما نسمعه عن هذا النوع من المسلسلات أنها تطرح عادة سيناريوهات اجتماعية وأسرية وفردية لا تتناسب اطلاقاً مع المجتمع الخليجي التقليدي. فالفرضيات الاجتماعية والفردية والمبادئ الأخلاقية التي يدعو إليها هذا النوع من المسلسلات المدبلجة حتى وإن كان لها شعبية عارمة في بعض أوساط المجتمعات الخليجية ولكنها لا تعوض الدور المحوري للتقاليد الأسرية المحافظة. من يعرف نوع كتاباتنا متأكد تماماً أننا ندعو للتفتح العقلي والتسامح وقبول الرأي الآخر والتعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة, لكن مسلسل تركي مثل "ويبقى الحب" لا يبدو أنه يعكس حتى وجهات نظر أغلبية الأصوات في المجتمع التركي المسلم والمحافظ! نعتقد أنه يكفينا تعرضنا لسيل بعض من المسلسلات المحلية بأطروحاتها السلبية ونقصد ذلك النوع الاستهلاكي البحت والتي تمتلئ حلقاتها بالصراخ والسلوكيات المنافية لما هو متعارف عليه في مجتمع تقليدي ومحافظ. يمكن لأي فرد أن يتطور شخصياً وأن يعتنق أساليب حضارية وثقافية متفتحة ولكن لم تكن الحضارة والتقدم ترتكز فقط في الإمعان أكثر من قبل في المادية البحتة والبحث عن بدائل اجتماعية ناجحة في المسلسلات التلفزيونية المثيرة! ويبقى الحب وغيره من المسلسلات المدبلجة لا يبدو أنها تشجع على العفة والحياء والأخلاق الحسنة والتي تميز المجتمعات الخليجية عموماً بل ولن يغني هذا النوع من المسلسلات عن أهمية التمسك بالتقاليد الأسرية المحافظة أو الصداقات الحقيقة. السياسة الكويتية