** تصاب بالحيرة وانت تتلقى بعض الرسائل التي يبثك فيها مرسلوها جميل مشاعرهم وذوب أحاسيسهم فتكتشف ان كل ذلك ما هو الا نوع من – الكذب – والدجل فتصاب بالحيرة مرة أخرى في كيفية مواجهة هؤلاء بحقيقة مشاعرهم وازدواجية سلوكهم.. أخبرني ماذا أفعل مع هؤلاء أو أنت ماذا يكون موقفك منهم اذا ما مر بك مثل هذا الذي مر بي؟ هذا ملخص رسالة طويلة من أخ بعثها لي بتوقيع المحتار جداً. ولأنه محتار وجداً فقد اصابني بعدوى – الحيرة – هذه بالفعل ماذا يفعل مع امثال هؤلاء الذين يبثونه مشاعرهم في وجهه وفي رسائلهم وهم غير ذلك، لكن أقول له على واحدة مما مر بي: ذات يوم كتبت مقالاً بعنوان "مدينة بلا ذاكرة" وكنت أصف فيه التغيير "الديمغرافي" الذي عاشته المدينةالمنورة ابان مشاريعها الكبرى واننا افتقدنا ذكرياتنا في تلك الاحياء الجميلة وتلك الاسواق العتيقة فأصبحت المدينةالمنورة بلا ذاكرة ، فكان ان فاجأني صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة وكان يومها اميراً على المدينةالمنورة وانا اتناول طعام الغداء على مائدته في يوم "جمعة" ان التفت إليّ قائلاً : "لقد شكاك فلان علي" .. قالها وهو يبتسم لمعرفته لكيفية مقابلة ذاك الشاكي لي أمام سموه. وهو كثير الاحتفاء بي والاشادة بما اقوم به من عمل. قلت خيراً إن شاء الله فقص عليّ محتوى شكواه بأنني ضد تلك المشاريع وانني أدعو الى إبقاء المدينة كما هي. فقال له سموه كما اخبرني بذلك رحمه الله : انني قرأت ما كتبه – فلان – أي أنا ولا ارى فيه ما ذهبت اليه فلو كنت انا الذي عشت في هذه المدينة طفولتي وملأت ذاكرتي بها يمكن ان اكتب أشد مما كتب. الطريف انه بعد يومين تقابلت مع الرجل في مجلس سموه فراح يأخذني بالأحضان كأنه لم يقل شيئاً وكان سموه يتابع مشهد الاحتضان مبتسماً بل ومندهشاً مما يرى أمامه من ذلك الاحتفاء الكبير من ذلك الانسان الذي شكاني قبل يومين واليوم يلاقيني بهذا الشعور الفائض دون ان يرف له جفن سامحه الله! ومشيتها وأنت أيضا مشيها – يا أيها المحتار.