خيبة أمل الشباب في عدم مطابقة الواقع مع الصورة التي يحاول البعض رسمها له. تؤكد العالمة النفسية لويز نادو مديرة مركز الأتكالية (الإدمان) في جامعة مونتريال (كندا) بروز نوع جديد من الإدمان المرضي في استخدام "الانترنت". في تقييمها لتأثير هذه الظاهرة الجديدة تذكر نادو أن هذا المرض بدأ يأخذ شكل انعزالية كثير من المراهقين وبقائهم في المنزل وعدم مشاركتهم في نشاطات اجتماعية. عادة ما يتحدث هؤلاء لغة شخصيات ألعاب "الفيديو" التي يمارسونها. وتضيف نادو أن خلال سنوات قليلة ربما يبدأ "مركز الإدمان" يستقبل أزواجاً يعانون من المشكلة نفسها! يأمل الباحثون في التعرف أكثر على مرض إدمان "الانترنت" عن طريق تحديد كيف يتفاقم وما هي طرق علاجه. الدراسة التي أشرت إليها في بداية المقالة ربما توصلت إلى نتائج فعلية بشأن تحديد أسباب إدمان بعض المراهقين والبالغين في استخدام "الانترنت". لكن نعتقد أن أحد أسباب هذه الظاهرة ربما يكون محاولة هؤلاء الهرب مما يظنه هؤلاء واقعاً يومياً مريراً. على سبيل المثال, إذا لم تتوفر في المجتمع الإنساني فرصاً حقيقية للتنمية الذاتية والاقتصادية والتعليمية وإذا لم تتوفر هذه الفرص على حقل متساو فعادة ما يؤدي ذلك إلى انتكاسات نفسيه مختلفة. أضف إلى ذلك إذا فشلت المؤسسات المحلية في تقديم خيارات أخرى توفر مجالات مختلفة للاستفادة الايجابية من الطاقات الذهنية والجسدية لكثير من أعضاء المجتمع فالمحصلة الأخيرة ستكون بالطبع محاولة الكثير العثور على خيارات أخرى أكثر صدقاً وربما أكثر نجاحاً. تُعقد في الكويت على مدار السنة المئات من الندوات الدينية والتعليمية والكثير من النشاطات والتي من المفروض أن جزءاً كبيراً منها موجه لفئة المراهقين والشباب. ويدرك المراقب كذلك أن الخلل في هذا السياق المحلي لا يتركز في صدق نواياً منظمي هذه الندوات فهم يحاولون بشكل أو بآخر توفير مجالات أوسع لمشاركة هذه الفئة العمرية. ونعتقد أن الخلل يكمن في عملية تنظيم النشاطات المحلية في هذا السياق. المراهق والشاب في مقتبل العمر يتداولان عادة مع العالم الخارجي بشكل يملؤه التفاؤل والرغبة والشغف الأيجابي في تحقيق كثير من أهدافهم الشخصية. عندما يحاول هؤلاء اقتناص فرص التنمية والتطوير المتاحة أمامهم إما أنهم يشعرون بخيبة الأمل لبعد المراكز العلمية والتنموية من مناطق سكنهم وإما أنهم يصلون ولأسباب محددة إلى قناعات معينة من أن الواقع الحقيقي لن يكون إطلاقاً بالصورة التي يحاول أبرازها البعض. ثمة كثير من المعوقات الاجتماعية والنفسية والتعليمية والثقافية في الكويت تمنع تواصل فئة الشباب والمراهقين مرتبطاً بقلة عدد المراكز المتخصصة. إدمان "الأنترنت" ظاهرة محلية أكثر تعقيداً وفق ما نظن من شرحها في مقالة يتيمة وستطلب كثيراً من البحث والدراسة. لكن سيظل "الانترنت" المجال الأكثر حرية وربما الأكثر نجاحاً في استهلاك الذهنيات اليافعة ما لم تتوافر قنوات أخرى مختلفة. فلعل وعسى وربما سيبدأ البعض يستوعب ما ذكرناه ويتوقفوا عن"تلقين" الآخرين بشأن كيف يعيشون حياتهم الخاصة. السياسة الكويتية